قلت : فإذن الأولى الاقتصار على ذكره غاية مقترنا بلام التعليل كما سمعته من النظم أولا لا مشخصا مع ذلك ، إذ هو حينئذ كالعبث ، ثم قال : « فان قلت : بين لي انطباق هذه العبارة على النية المعهودة ، وهي أصلي فرض الظهر ، إلى آخره ، فان مفهوم هذه العبارة يقتضي أن قوله : « أصلي » بعد ذلك الإحضار ، فيلزم تكرار النية أو نية النية ، وهما محالان ، قلت : إذا عبر المكلف بهذه الألفاظ فقوله : « فرض الظهر » إشارة إلى القرب والتعيين « وأداء » إلى الأداء ، و « لوجوبه » إلى ما يقوله المتكلمون من أنه ينبغي فعل الواجب لوجوبه أو وجه وجوبه ، وقوله : « قربة إلى الله » هي غاية الفعل المتعبد به ، وفي هذا إحضار الذات والصفات كما ذكر ، فقوله : « أصلي » هو عبارة عن القصد المتعلق بها ، وهو وإن كان متقدما لفظا فإنه متأخر معنى ، وفي قولنا : « للتقرب إلى الله » إشارة إلى فائدة ، هي أن الغاية ليست متعددة بل هي متحدة ، أعني التقرب إلى الله الذي هو غاية كل عبادة ، وعلى ترتيب النية المعهودة بتلك الألفاظ المخصوصة وانتصابها على المفعول له أو الإتيان فيها بلام التعليل يشكل إعرابه من حيث عدم جواز تعدد المفعول لأجله إذا كان المغيا واحدا إلا بالواو ، واعتذر عنه بعض النحاة من الأصحاب بأن الوجوب مثلا في هذه النية غاية لما قبله ، والتقرب غاية للوجوب ، فيتعدد الغاية بسبب تعدد المغيا ، فاستغنى عن الواو ، وإذا صورت النية على الوجه الذي ذكرناه لم يكن إلا غاية واحدة ، ويزول ذلك الإيراد من أصله ، مع أنه ليس له تعلق بالنية الشرعية ، بل متعلق بالألفاظ التي لا مدخل لها في المقصود ، فإن أريد التعيين بنية تطابق ما ذكرناه ملفوظة فليقل : أصلي فرض الظهر الواجب المؤدي أو المقضي قربة إلى الله ، وهذه العبارة كافية في هذا المقام ونحوها من العبارات ، والغرض بها إيصال المعاني إلى فهم المكلفين كما قيل لا التلفظ بها » ونقلناه بطوله لما فيه من كمال الإفصاح بما عند المشهور من النية ، وقد أنكر عليهم متأخرو المتأخرين ذلك ،