أنها جزء أخير ، والمحرك للأعضاء قدرة ، فجميع جنود القلب ثلاثة : الإرادة والقدرة والقوى الدراكة الظاهرة والباطنة ، ولما اصطحبت في الإنسان هذه الجنود اجتمعت فيه أربعة أوصاف : سبعية تحمله على العداوة ، وبهيمية تحمله على الشره والحرص ، وربانية تحمله على الاستبداد والانسلال من القيود السفلانية والإطلاق عن ربقة العبودية ، وشيطانية تحمله على المكر والخديعة ، فمن تسخرت نفسه للصفة الربانية فحبل الله قصده ، والآخرة مستقره ، والدنيا منزله ، والبدن مركبة ، واللسان ترجمانه ، والأعضاء خدمه والحواس جواسيسه ، تؤدي ما تطلع عليه من المحسوسات إلى الخازن ، وهو القوة الخيالية ، ثم يعرض الخازن ذلك على الملك أعني حقيقة الإنسان ، فتقتبس منه ما يحتاج إليه في تدبير منزله ونيل السعادة في آخرته ، ولتمام تحقيق هذه المطالب محل آخر.
انما المراد بيان ان الداعي عبارة عن تلك الإرادة المؤثرة في وجود الفعل المنبعثة عن تصور غاية الفعل ، وبها يكون الفعل منويا ، إلا أنه إذا كان عبادة اعتبر فيها كونها منبعثة عن إرادة قصد الامتثال وما تصور له من الغايات وأذعن بها ، ولا يتوقف ذلك على خطور الغاية في الذهن عند الفعل ، بل يكفي وجودها في الخزانة ، بل لا يتوقف على تصور الفعل حين الفعل ، بل تصوره السابق مجز ، بل تعيينه السابق حيث يكون متعددا أيضا كاف نعم قد يحتاج إلى خصوص التعيين إذا فرض عدم انبعاث الإرادة المؤثرة في وقوعه عن تصور غاية الفعل المعين ، ولعل الحكم في النصوص يكون ما في يده من الأفعال لما قام لها من الفريضة يومي إلى بعض ما ذكرناه على أحد الوجهين ، إذ يمكن أن يكون ذلك لانبعاث تلك الإرادة عن التعيين الذي حصل في الذهن ووقع القيام له فظهر من ذلك أنه لا يتوقف في كون الفعل منويا مقصودا به الامتثال على أزيد من مقارنته أول الفعل لتلك الإرادة المنبعثة عن ما عرفت ، ولا يحتاج إلى خطور غيرها فضلا عن الاستحضار الذي هو في الحقيقة علم بالخطور والتفات آخر للقلب إلى ما حصل