نافلة ، فإن فيه أيضا الغفلة عن الفرق بين أول العمل وبين غيره ، إذ الثاني ربما يقال بالاكتفاء فيه بتلك النية المقارنة لأول العمل ، لصدق النية لجميع أجزاء العمل بذلك ، وبتلبسه به ودخوله فيه لم يحتج بعد إلى نية أجزائه ، بل ولا يقدح نية الخلاف فيه أيضا بخلاف الأول ، إذ لم يصدق التلبس بالعمل والدخول فيه عليه حينئذ كي تتبع باقي الأجزاء إذ التحقيق خروج النية ، وأنها شرط ، بل لو قلنا بجزئيتها أيضا فكذلك ، لأنه انما يتحقق بالتكبير الدخول في العمل وانعقاده وصيرورة المكلف في حبس الصلاة بحيث يحرم عليه الابطال ، كما هو واضح ، وإلا لو فرض اتحاد تكبيرة الإحرام وباقي الأجزاء في الحكم المزبور لوجب الحكم باحرامية تكبيرة الركوع مطلقا وإن لم يذكر إلا بعده ، وصحيحة ابن أبي يعفور والبقباق (١) صريحة في خلافه ، كما أن غيرها ظاهر فيه ، فلاحظ.
على أن ذلك كله إن لم يفد الجزم بما قلنا فلا ريب في أنه يفيد الشك في الاجتزاء بمثل هذا الفرد من الصلاة ، للشك في إرادة ما يشمل مثله من الأمر بالصلاة وإن قلنا بأنها للأعم ، إذ هو لا ينافي الشك في إرادته منه كباقي المطلقات التي يتفق وقوع الشك في إرادة بعض أفرادها ، بل قد يقال بالإجمال مع القول بالأعمية ، لكنه إجمال في المراد بدعوى ظهور إرادة فرد خاص من نحو ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) ولم نعلمه ، لا أن المراد المسمى وخرج معلوم الفساد الذي هو أضعاف الداخل وبقي الباقي ، وكيف وقد ادعى بعضهم مثل ذلك في البيع ونحوه حتى أنه نزل قوله تعالى (٢) ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) على بيع مخصوص معهود ، والصلاة أولى منه بذلك قطعا ، فتأمل جيدا.
فظهر من ذلك كله أنه لا يتجه حمل الخبر المزبور على ذلك ، كما أنه لا يتجه أيضا حمله على المأموم الذي يكتفي بتكبيرة واحدة للإحرام والركوع عند الضيق ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب تكبيرة الإحرام ـ الحديث ١.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ٢٧٦.