ضرورة عدم الجواز بعد تحقق الإحرام وإن كان المصلي متشاغلا بالمستحب ، وإلا لجاز فعل المنافي في حال القنوت ، فإنكار المحدث المزبور عليه حتى أنه ربما أساء الأدب مبني على إرادته ذلك ، ومرتبته أجل من أن ينسب اليه ما لا يخفى على أصاغر الطلبة.
هذا كله إن لم نقل بتعيين الأولى أو الأخيرة للإحرام ، وإن كان القول بعدم تعيين المكلف لها بالنية متجها لتعينها في نفسها حينئذ ، فإذا نوى الصلاة فكبر سبع تكبيرات مثلا مستصحبا للداعي أجزأه ذلك ، لأنه إنما نوى الصلاة على ما هي عليه في الواقع ، والفرض أن إحرامها الأولى أو الأخيرة ، كما أنه قد يتجه ذلك أيضا لو لم نقل به بل قلنا : إن المكلف به طبيعة التكبير الذي يتحقق بالواحدة ، وهي التي يتحقق بها الإحرام ، فهو إذا نوى الصلاة وكبر حصلت الطبيعة الواجبة ، والمستحبة حينئذ إضافة ست إليها كي تكون سبعة على حسب الأمر بطبيعة التسبيح في الركوع والسجود الذي لا ريب في وقوع الامتثال فيه بأول تسبيحة وإن لم يكن قد عينها بنيته له ، لا يقال : إن ذلك ينافي التخيير في وضعها أولا وأخيرا المفتي به بين الأصحاب ، بل كاد يكون إجماعا ، لأنا نقول : ليس المراد أن المستحب مأخوذ فيه وقوعه بعد الواجب فلا بد أن يكون الواجب أولا ، بل المراد أنه لما كلف واجبا بطبيعة التكبير وفرض ثبوت الندب في عدد مخصوص لم يعتبر فيه تقدم ولا تأخر استفيد منه وإن كان هو بأمر واحد أن له تعيين المندوب أولا أو آخرا ، وانه إن لم يعين كان ما يقع منه أولا للواجب ، وبالجملة هذا الأمر المزبور له جهتا اتحاد وتعدد ، فعند عدم التعيين ينصرف الواقع إلى مقتضى اتحاد الأمر من وقوع الواجب بأول ما يقع منه ، لصدق حصول الطبيعة منه ، والمستحب بعده ، وعند التعيين يتعين الثاني ، لأنه حينئذ كالأوامر المتعددة التي شخص الامتثال لكل واحد منها ، واستفادة هذا التعدد من مثل قوله : « كبر ثلاث تكبيرات » أو « سبح ثلاث تسبيحات » ليس بعجيب ، فحينئذ التخيير الذي في