بل قد يقال : بأن مقتضى الجمع بينه وبين الصحيح المزبور التخيير للإمام ، فيكون حينئذ من قبيل النصوص الآمرة بالقراءة منفردا أو بالتسبيح منفردا التي لا دلالة في كل منهما على أفضلية أحدهما ، ضرورة إلغاء ما يشعر به كل منهما من التعيين بالآخر وهذا بخلاف النصوص التي يستفاد منها التعيين من غير جهة ظاهر الأمر ، بل إما بالتصريح أو غيره ، فإنه بعد قيام الإجماع مثلا على التخيير لا بد من تنزيل التعيين المزبور على الأفضلية ، فتأمل جيدا فإنه ربما دق ، وعليه بنينا الاستدلال على أفضلية التسبيح مطلقا بجملة من النصوص المزبورة.
هذا كله مع احتمال الصحيح التقية ، إما لعدم اعتبار وجود قائل بالخصوص فيها بل يكفي مجرد إيقاع الخلاف بين الشيعة كي لا يعرفوا فيؤخذوا ، وإما لأن المراد بها تعليم التقية في العمل ، بمعنى أنكم إذا كنتم أئمة فاقرأوا ، لأنه غالبا يحصل في الجماعة منهم ، ولأن الإمام منكم مما يتجسس عن أحواله وأفعاله ، ولعل ما في صحيح جميل (١) من قوله عليهالسلام : « فيسعك » إيماء اليه ، على أن المنقول عن أبي حنيفة منهم التخيير بين القراءة والتسبيح والسكوت ، وأن القراءة أفضل ، خلافا للمحكي عن الشافعي فالقراءة ، فأوجبها في الأخيرتين ، ولمالك في ثلاث ركعات من الرباعية ، فلعل الأمر بالقراءة لإيهام الوجوب.
وبذلك كله بان لك ما في النصوص الباقية خصوصا خبر محمد بن حكيم الذي هو مع ذلك ضعيف السند ، وقل من أفتى بمضمونه من إطلاق الفضل المستلزم لطرح تلك النصوص رأسا ، ومثله التوقيع (٢) الذي ظاهره وقوع النسخ بعد النبي ( صلى الله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١١ وهو صحيح منصور لأن لفظ « فيسعك » مذكور فيه ولم يذكر في صحيح جميل.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥١ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١٤.