المسألة الأولى ، وفيه أن المعروف بين القائلين بالوجوب عدم الفرق في البطلان بين الكل والبعض ، بل ربما ادعي إجماعهم عليه حتى تمموا به دلالة النصوص المتضمنة لوجوب البعض على المطلوب ، بل هو مقتضى أدلة الوجوب أيضا ، إذ احتمال إرادة التعبدي من وجوب كمال السورة والشرطي من البعض سمج لا يرتكبه فقيه.
فلا بد حينئذ من حمل تلك العبارات الموهمة لذلك على إرادة وجوب البعض كما هو ظاهر المحكي عن الإسكافي ، أو على إرادة الاستحباب المؤكد من لفظ الوجوب في نحو عبارة المبسوط كما وقع له في التهذيب وغيره في بحث المواقيت ، لكن ينافي ذلك كله ما يحكى عن المبسوط من التصريح بحرمة التبعيض كالقرآن مع قوله بعدم البطلان ، فلا بد حينئذ من إرادة الوجوب التعبدي خلاف ظاهر المنتهى من التخيير بين البعض والكل وإن كانا هما معا كما ترى ، بل لم أجد هذا الذي حكي أخيرا عن المبسوط فيما حضرني من نسخته ، فيقوى حينئذ إرادة ما سمعته منه ، فلاحظ.
وكيف كان فقد ظهر لك ندرة المخالف فيما نحن فيه أو عدمه ، فالإجماعات المحكية حينئذ بعد اعتضادها بالتتبع لا ينبغي التأمل في حجيتها في المقام ، مضافا إلى تأييده مع ذلك بأنه المتعارف المعهود من صلاتهم عليهمالسلام التي أمرنا بالتأسي بها كما دلت عليه جملة من النصوص (١) المتضمنة لفعل أمير المؤمنين عليهالسلام وفعل الرضا عليهالسلام وغيرهما ، بل في المنتهى أنه قد تواتر النقل (٢) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه صلى بالسورة بعد الحمد وداوم عليها ، وهو بنفسه مشعر بالوجوب فضلا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٤ والباب ١٠ منها ـ الحديث ١٠ والباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ـ الحديث ٢٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٢ والباب ٢٤ منها ـ الحديث ٣ و ٦.