من العشاء على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل هي كذلك في صريح الغنية وعن الخلاف وعن ظاهر غيرهما ، بل يمكن تحصيل الإجماع ، إذ لم نجد فيه خلافا ولا حكي إلا من الإسكافي والمرتضى رحمهالله في المصباح ، وهما ـ مع معلومية نسبهما ، بل لم يعتد بخلاف الأول منهما في كثير من المقامات ، كما أن الأستاذ الأكبر أنكر ظهور المحكي عن الثاني فيما نسب اليه ، كما يومي اليه نقل الشيخ وأبي المكارم الإجماع مع عظمة السيد عندهما ، واعتناؤهما خصوصا الثاني منهما بأقواله ، ويؤيد ذلك أيضا ما عن السرائر من نفي الخلاف بيننا في عدم جواز الجهر بالقراءة والإخفات وغير ذلك ، لكن الإنصاف أن إنكار ظهور كلامه في ذلك تعسف ، قال : « إنه من وكيد السنن حتى روي أن من تركه عامدا أعاد » ـ لا يقدحان في تحصيل الإجماع بناء على كثير من طرقه ، على أنه قد تحقق انعقاده في كثير من الأزمنة المتأخرة عن زمنهما حتى استقر المذهب واتفقت الكلمة إلى هذه الأزمنة المتأخرة ، فصدر من بعض أصحابنا ما يقتضي الميل اليه أو التعويل عليه ، لكنه قد سمعت غير مرة أن خلاف أمثالهم غير قادح بعد معلومية أن صدور ذلك لخلل في الطريقة.
وكيف كان فالحجة عليه مضافا إلى ما سمعت صحيح زرارة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام « في رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه فقال : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته » ضرورة ظهور النقض بالضاد المعجمة كما هو الموجود في كتب الأصول والفروع في البطلان الذي هو لازم الوجوب كالأمر بالإعادة ، بل هو كذلك وإن قرئ بالصاد أيضا كما احتمله بعض متأخري المتأخرين ، لأنه هو مقتضى النقصان حقيقة ، خصوصا بعد تعقيبه بما عرفت ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.