به بعض الحشوية المخلطة في عصرنا وما قاربه ، كما أن بعضهم أيضا واظب على الجهر بالقراءة في الأخيرتين للإمام المعلوم عند الإمامية بطلانه كما عرفته سابقا ، وكأن الذي أوهمه ما ورد (١) أنه ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل شيء يقوله ، ونحوه مما هو ظاهر عند من له أدنى درية في استماع ما يجوز الجهر فيه ، وأنه مساق لبيان خصوص الاسماع للمأمومين لا لأصل جواز الجهر وعدمه ، لكن هذا ـ مضافا إلى ما في النفس من السوء الذي يدعو إلى محبة الخلاف ، وأنه جاء بما غفل عنه الأصحاب منضمين إلى الجهل المحض وعدم المعرفة بالفقه ـ دعاه إلى هذه البدعة وغيرها من البدع القبيحة أجار الله المذهب منها ومن أهلها.
نعم الإنصاف أنه لا يخلو جميع ما ذكرناه بالنسبة إلى التسبيح من المناقشة ، خصوصا بناء على المختار من عدم حجية كل ظن حصل للمجتهد ، ومن أن اسم العبادة للأعم القاضي بأن ما شك في اعتباره فيها يحكم بعدمه ، ولعله لذا أو لغيره لم يرجح بين القولين في المحكي عن المهذب وغاية المرام وكشف الالتباس ، بل اختار التخيير في التذكرة والحدائق ، بل حكاه في مصابيح العلامة الطباطبائي عن صريح السرائر أيضا وظاهر نهاية الأحكام والتحرير والمحرر والموجز وغاية الإيجاز ومصباح المبتدي وبحار الأنوار والكفاية والذخيرة ، بل هو ظاهر المدارك والمحكي عن الحديقة والمسالك الجامعية وإن قيل فيهما : إن الإخفات أحوط ، بل لعله أيضا ظاهر التنقيح وإن قال فيه : الأولى الإخفات فيه ، لأنه أشد يقينا للبراءة ، بل لعله ظاهر كل من اقتصر على ذكر القراءة في الجهر والإخفات كما سمعته سابقا ، بل في المحكي عن البحار ـ بعد الحكم بأن التخيير أقوى ـ وتدل بعض الأخبار ظاهرا على رجحان الجهر ولم أر به قائلا ، وفي مفتاح الكرامة وجدت في هامش رسالة تلميذ ابن فهد أن بعض الأصحاب ذهب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٣.