صلى أن يرتل في قراءته ، فإذا مر بآية فيها ذكر الجنة وذكر النار سأل الله الجنة وتعوذ من النار ، وإذا قرأ يا أيها الناس ويا أيها الذين آمنوا يقول : لبيك ربنا » وفيه إيماء إلى مناسبة الترتيل للخشوع والتفكر في القراءة الذي هو أمارة أخرى على استحبابه ، بل في كشف اللثام ولذا استحب في الأذكار ، كما أن فيه أيضا شهادة على إرادة الندب من غيره من الأخبار ، ولذا استدل عليه بها في الكشف أيضا بعد الآية ، والمراد بالترتيل الترسل والتأني بالقراءة بسبب المحافظة على كمال بيان الحروف والحركات ، فيحسن تأليفه حينئذ وتنضيده ، ويكون كالثغر المرتل الذي حسن نضده بسبب ما فيه من الفلج حتى شبه بنور الأقحوان بخلاف غير المرتل من الكلام الذي يشبه في تتابعه الثغر الألص أو الشعر الذي يهذ ويسرع في تأديته ، أو الرمل المنثور الذي بعضه على بعض ، كالدقل من التمر المتراكم قبل سقوطه أو بعده إذا تساقط متتابعا ، واليه أومأ خبر عبد الله بن سليمان (١) انه « سأل الصادق عليهالسلام عن قوله عز وجل (٢) : ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) فقال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : بينه تبيانا ولا تهذه هذ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل ، ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة » وعن دعائم الإسلام (٣) عنه عليهالسلام « ولا تنثره نثر الدقل ، ولا تهذه هذ الشعر قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة » وعن ابن الأثير « هذا كهذ الشعر ونثرا كنثر الدقل أراد لا تسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر ، والهذ سرعة القطع ، والدقل ردي التمر أي كما يتساقط الرطب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب قراءة القرآن ـ الحديث ١.
(٢) سورة المزمل ـ الآية ٤.
(٣) المستدرك ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ١.