يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به » وإلى ما قيل من أن الأذان عبادة ، ولا تصح من الكافر والمجنون ، والمؤذنين أمناء ، وهما معا ليسا محلا للأمانة ، ومن أنه لا يتصور وقوعه من الكافر ، لأن التلفظ بالشهادتين إسلام ، وإن كان في بعض ذلك نوع تأمل ، لما عرفت من أن أذان الإعلام ليس عبادة ، وأن المراد مما ورد من أمانة المؤذنين الحث على مواظبتهم على المواقيت والتحفظ ، على أنه يمكن معرفة ذلك بالاختبار ، ولذا أمروا عليهمالسلام بالصلاة بأذان المخالفين معللا بشدة مواظبتهم على الوقت ، والتلفظ بالشهادتين يمكن أن لا يكون إسلاما إذا كان استهزاء أو حكاية أو غفلة أو تأولا عدم عموم النبوة ، أو مع عدم المعرفة بمعناهما أو نحو ذلك ، على أن الفرض وقوعهما ممن يعلم عدم اعتقاده بهما ، ومثله لا يحكم بإسلامه بمجرد التلفظ المزبور قطعا ، اللهم إلا أن يراد منع كون ذلك مع أحد الأحوال المزبورة أذانا حينئذ بدعوى أنه قولهما مع ظهور الاعتقاد بمضمونهما إجمالا أو تفصيلا ، لا اللغو والاستهزاء ونحو ذلك ، كما يومي اليه ما ورد في علل الأذان في خبر الفضل بن شاذان (١) وما جاء في مدح المؤذنين (٢) « وان الله قد وكل بأصواتهم ريحا ترفعها إلى السماء ، فإذا سمعت الملائكة الأذان قالوا : هذه أصوات أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بتوحيد الله عز وجل ويستغفرون لأمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يفرغوا من الصلاة » (٣) وغير ذلك ، لكن قد يخدش بأن من الكفار من يتلفظ بالشهادتين معتقدا بهما كالخوارج والغلاة والنواصب ونحوهم ممن انتحل الإسلام.
وكيف كان فالعمدة في الاستدلال ما عرفته أولا ، وأما الإيمان فقد يظهر من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ١٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأذان والإقامة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٧.