الوجه المخصوص دون النيابة الأجنبية عن ذلك عند التأمل ، بل لعل التبرع المستلزم لجواز الإجارة غير جائز هنا أيضا ، إذ الجائز هنا فعل الغير على وجه مخصوص بأن يكون مسموعا للإمام وأن يكون لصلاة ونحو ذلك ، فتأمل.
ومثله البحث في الإقامة ، بل أولى منه بعدم الجواز مطلقا لا لأنه لا كلفة فيها بمراعاة الوقت بخلاف الأذان كما وقع من الفاضل في المحكي عن نهايته كي يرد عليه أنه لا يعتبر في العمل المستأجر عليه وجود الكلفة فيه ، بل لما عرفت من ظهور الأدلة في إرادة المباشرة وأنها كخطاب الصلاة.
أما أذان الإعلام الذي هو مستحب كفائي فلا ريب في عدم ظهور الأدلة في اعتبار المباشرة فيه على وجه ينافي الإجارة ، بل هي إن لم تكن ظاهرة في عدم ذلك فلا أقل من أن تكون خالية عن التعرض له ، فيبقى عموم الإجارة بحاله ، إذ هو من الأفعال السائغة المترتب عليها نفع وليس بواجب على المكلف فعله ، وندب الناس إلى فعله لا ينافي جواز إعطاء العوض عليه بعد فرض عدم انحصار نفعه في الثواب للفاعل كي يجمع بين العوض والمعوض عنه.
والحاصل أن المندوب إما أن يشترط في صحته القربة أو لا ، بل هي شرط في ثوابه ، فان كان الثاني ولم يلاحظ المكلف فيه القربة وكان فيه نفع تصلح المعاوضة عليه جازت الإجارة عليه بلا إشكال ، بل لا بأس بملاحظة القربة مع ذلك ، لعدم منافاة الإجارة لها ، بل هي مؤكدة لها إذا راعى التقرب إلى الله تعالى من حيث الوفاء بالإجارة مع امتثال أمر الندب ، بل وكذا الكلام في الأول ، أما إذا كان لا نفع فيه إلا الثواب فان ظهر من الأدلة عدم حصوله إلا بالمباشرة لم تجز الإجارة عليه ولا النيابة فيه تبرعا ومع الاذن ، وإلا جاز الجميع عملا بعموم أدلة كل منها ، ولا يعارضه ظهور الأمر في المخاطب بعد أن كان ظهور مورد لا قيد ، فهو كخطاب بع وصالح ونحوهما