روي (١) عن الباقر والصادق عليهماالسلام كراهية الجماع أوّل ليلة من كلّ شهر واستحبابه أوّل ليلة من شهر رمضان لتنكسر شهوة الجماع نهارا. والظاهر أنّه لمطلق الحلّ الشامل للندب وغيره والمراد بليلة الصيام كلّ ليلة يصبح فيها صائما.
ثمّ اعلم أنّ ظاهر اللّفظ يدلّ على إباحة الجماع في أيّ وقت [ كان ] من اللّيل ولو قبل الفجر لكن لمّا اشترط أصحابنا الطهارة في الصوم من الجنابة وجب بقاء جزء من اللّيل ليقع فيه الغسل فكانت الإباحة مخصوصة بما عداه فلو خالف عالما فسد صومه وكان عليه القضاء والكفّارة ولو لم يعلم وظنّ بقاء الوقت من غير مراعاة فاتّفق خلافه كان عليه القضاء خاصّة ولو راعى لم يكن عليه شيء وعلى التقديرين الأخيرين لو طلع عليه الفجر مجامعا وجب عليه النزع وصحّ صومه في الأخير خاصّة.
وقال الشافعيّ : إذا وافاه الفجر مجامعا فوقع النزع والطلوع معا لم يفسد صومه ولا قضاء ولا كفّارة وبه قال أبو حنيفة وقال المزنيّ : يفسد وعليه القضاء خاصّة وأمّا إذا وافاه مجامعا فلم ينزع وتمكّث فيه فهو بمنزلة من وافاه [ النهار ] فابتدأ بالإيلاج فإن كان جاهلا بالفجر فعليه القضاء خاصّة وإن كان عالما به فعليه لقضاء والكفّارة وقال أبو حنيفة بلا كفّارة وعلّله أصحابه بأنّه ما انعقد فالجماع لم يفسد صوما منعقدا فلا كفّارة ونحن نقول إنّه انعقد بالنيّة المتقدّمة فكان جماعه واردا على صوم منعقد وهو المطلوب.
٣ ـ « عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ ». بيان لنعمته وإحسانه ورفعه الحرج في المستقبل.
٤ ـ « فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ » قيل المراد بها الجماع وقيل هو ومقدّماته من القبلة وغيرها وأصل المباشرة إلصاق البشرة بالبشرة ثمّ كنى به عن الجماع تارة وعنه وعن مقدّماته تارة وهو نسخ للسنّة بالكتاب ونسخ الشيء بما هو أسهل منه.
٥ ـ قوله تعالى ( وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ) قيل اطلبوا الولد فإنّه الغرض
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٨٠.