النفس ، والبعض الآخر قالوا بإنكاره لخلود النفس. ١ ولهذا نرى ابن طفيل يتهم الفارابي بالتردد والاضطراب في مسألة خلود النفس ، قال ابن طفيل : وأما ما وصل الينا من كتب أبي نصر فأكثرها في المنطق ، وما ورد منها في الفلسفة فهي كثيرة الشكوك ، فقد أثبت في كتاب ( الملة الفاضلة ) بقاء النفوس الشريرة بعد الموت في آلام لا نهاية لها بقاءً لا نهاية لها ، ثم صرح في السياسة المدنية بانها منحلة وصائرة إلى العدم وأنه لا بقاء إلا النفوس الكاملة. ٢
وحنا الفاخوري وخليل الجر تبعاً لرأي ابن طفيل بالنسبة إلى الفارابي قالوا : في الواقع أن الفارابي لي يبرز رأيا صريحاً في هذا المورد الخطير ، لأنه كان تحت تأثير أرسطو ، هذا من جهة ومن جهة أخرى لم يتمكن أن يخالف تعاليم الاسلام ، يقول أحياناً بأن الخلود من طبيعة النفس ، وأحياناً يقول بأن النفوس الجاهلة لا حظّ لها في الخلود. ٣
وفيما يلي استعراض لآراء الفارابي حول خلود النفس لبيان مدى صحة هذه الاتهامات المنسوبة اليه :
يقسم الفارابي النفوس إلى أقسام ثلاثة بالارتباط إلى الخلود ؛ وهي النفوس الفاضلة ، والنفوس الشقية ، والنفوس الجاهلة.
وحصول السعادة للنفوس الفاضلة عند الفارابي يحصل بزوال الشرور عن المدن والأمم وحصول الخيرات ومدبر المدينة ، أي الرئيس الأول ، وهو الملك عند القدماء ، وهو الذي ينبغي أن يوحى اليه ، يلتمس إبطال الشرور جميعاً وايجاب الخيرات جميعاً ، ويتعاون معه أهل المدينة ، ويحتاج كل واحد من أهل المدينة الفاضلة أن يعرف مبادىء الموجودات القصوى ومراتبها
________________
١. راجع : د. خليل الجر ، وحنا الفاخوري ، تاريخ فلسفة اسلامي ، ص ٤٢١.
٢. ابن طفيل ، حي بن يقظان ، ص ٢٣.
٣. راجع : حنا الفاخوري وخليل الجر ، تاريخ فلسفة اسلامي.