استئناف لقول الله تعالى ، فجوّز المفسرون الوجهين في ذلك.
ونستنتج مما سبق بان الآية معناه : ترى الظالمين يعرضون على النار قبل دخولهم فيها ، وهم في حالة من الذل المسكنة ينظرون إلى النار من طرف خفي ، أي يسارقون النظر إلى النار ، فلا يستطيعون النظر اليها بتمام أبصارهم لهولها. والمؤمنون عندما يرون مالحق بالظالمين في يوم القيامة من العذاب والهوان يقولون إن الخاسرين حقيقة في هذا اليوم هم الذين خسروا أنفسهم بتعريضها إلى العذاب المقيم وحرمانها من النجاة ، وخسروا أهليهم من الأولاد والأزواج والأرقاب ، لأنهم لا ينتفعون بهم لما حيل بينهم وبينهم ، ثم يقول المؤمنون أو يقول الله عزوجل في ذلك اليوم : إن الظالمين في عذاب دائم لا يزول عنهم.
٣. قوله تعالى : ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ). ١
( مَن يَأْتِيهِ ) قالوا في ( من ) وجهين أحدهما : أن تكون استفهاماً ، أي كأنه قيل : فسوف تعلمون أيّنا عذاب وتكون ( من ) على هذا الوجه مرفوعة بالابتداء والثاني : أنها موصولة بمعنى ( الذي ) فتكون في محل نصب. وذهب العلامة الطباطبائي والطبرسي إلى أنها استفهامية ، قال العلامة الطباطبائي : الظاهر أن ( من ) استفهامية لا موصولة ، لظهور العلم فيما يتعلق بالجملة لا بالمفرد. ٢
وقوله : ( مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ) قالوا المراد به عذاب الاستئصال في الدنيا وهو الغرق. ٣
________________
١. هود ، ٣٩. |
٢. تفسير الميزان ، ج ١٧ ، ص ٢٦٧ ، ٢٦٨. |
٣. راجع : المصدر السابق ، ج ١٠ ، ص ٢٢٥ ؛ روح المعاني ، ج ١٢ ص ٥١ ؛ مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٥٩ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ٣ ، ص ٢٣٣.