تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) فجعلت المدار في النجاة والفوز هو التقوى لله وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله. فلا يصرف العذاب عن الانسان يوم القيامة إلا بالتقوى وابتغاء الوسيلة اليه والجهاد في سبيله حتى لو ملك الانسان الكافر والمشرك غير المتقي من الله سبحانه ما في الأرض جميعاً ـ وهو أقصى ما يتمناه الانسان من الملك الدنيوي ـ واُضيف اليه مثله ليكون له ضعفا ما في الأرض جميعاً ، وأراد أن يفتدي به من عذاب يوم القيامة ، ما تقبّل منهم عوضاً وفداءً عن العذاب ، بل يعذبهم عذاباً مؤلماً وموجعاً.
قوله : ( يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) قوله : ( يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ ) فيه ثلاثة أقوال : ١
أحدها : يتمنون أن يخرجوا منها فجعل الارادة ها هنا تمنياً
ثانيها : معناه الارادة على الحقيقة لأنه كلما رفعتهم النار بلهبها رجوا أن يخرجوا منها ، وهو قوله : ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ).
ثالثها : معناه يكادون أن يخرجوا منها إذا رفعتهم بلهبها ، كما قال تعالى : ( جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ) أي يكاد ويقارب.
وما هم بخارجين من النار لأنه عذاب دائم ثابت لا يزول. ٢ وقال المراغي : المقيم هو الثابت الذي لا يرتحل أبداً ، أي يتمنون الخروج من النار ـ دار العذاب والشقاء ـ بعد دخولهم فيها وما هم بخارجين منها البتة. ٣
٣. قوله تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا
________________
١. راجع : تفسير التبيان ، ج ٣ ، ص ٥١٠ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ١٩٠ ؛ تفسير الكبير ، ج ١١ ، ص ٢٢١.
٢. راجع : تفسير التبيان ، ج ٣ ، ص ٥١١ ؛ تفسير الميزان ، ج ٥ ص ٣٢٩ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ١٩٠.
٣. تفسير المراغي ، ج ٦ ، ص ١١٣.