ولنبحث في الآيتين لنرى هل إنهما تدلان على إنقطاع العذاب ، أم على دوام العذاب :
١. قوله تعالى : ( ...فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ). ١
قوله : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) إخبار منه تعالى بأنهم قسمان : أشقياء وهم المستحقون للعقاب ، وسعداء وهم المستحقون للثواب ، والشقاء قوة أسباب البلاء ، والسعادة قوة أسباب النعمة. والشقي من شقي بسوء عمله في معاصي الله ، والسعيد من سعد بحسن عمله في طاعة الله. ٢
وقال العلامة الطباطبائي : ظاهر قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) لا تفيد حصر أهل الجمع في الفريقين ، وهو الملائم ظاهراً لتفسيمه تعالى الناس إلى مؤمن وكافر ومستضعف كالأطفال والمجانين وكل من لم تتم عليه الحجة في الدنيا ، إلّا أن الغرض المسرودة له الآيات ليس بيان أصناف الناس بحسب العمل والاستحقاق ، بل من حيث شأن هذا اليوم ، وهو أنه يوم مجموع له الناس ، ويوم مشهود لا يتخلف عنه أحد ، وأنه ينتهي إلى جنة أو نار. ٣ فالآية ناظرة إلى عاقبة وخاتمة الانسان فهو إما إلى الجنة وإما إلى النار.
وقوله : ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) أي الذين شقوا باستحقاقهم العذاب جزاءً على أعمالهم القبيحة داخلون في النار ، والزفير : إخراج النفس ، والشهيق رده كما قال الزمخشري. ٤
________________
١. هود ، ١٠٥ ـ ١٠٧.
٢. راجع : تفسير التبيان ، ج ٦ ، ص ٦٥ ؛ مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤ ، تفسير المنار ، ج ١٢ ، ص ١٥٨ ؛ تفسير المراغي ، ج ١٢ ، ص ٨٥.
٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ١٨.
٤. تفسير الكشاف ، ج ٢ ، ص ٤٣٠.