وقد رد العلامة الطباطبائي هذا الوجه وقال بسخافته ، لأنه إثبات للسماء والأرض من جهة الإضافة ، وأن الجنة والنار لابد أن يتصور لهما فوق وتحت ، فتكون الجنة والنار أصلاً ، وسماؤها وأرضهما تبعين لهما في الوجود ، ولازمه تحديد بقاء سمائهما وأرضهما بمدة دوامهما لا بالعكس كما فعل في الآية. ١
ثالثاً : أن المراد مادامت الآخرة ، وهي دائمة أبداً ، كما أن دوام السماء والأرض في الدنيا قدّر مدة بقائها. ٢
قال العلامة الطباطبائي في رده : ولعل المراد أن قوله : ( مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) موضوع وضع التشبيه ، كقولك : كلمته تكليم المستهزيء الهازيء به أي مثل تكليم من يستهزيء ويهزاً به ، فلو أريد بذلك التشبيه أفاد خلاف المقصود ، أعني الانقطاع ، ولو أريد غير ذلك لم يف بذلك اللفظ. ٣
رابعاً : أنه لا يراد به السماء والأرض بعينها ، بل المراد التبعيد ، فانّ للعرب ألفاظاً للتبعيد في معنى التأييد ، يقولون ، لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار ، ومادامت السموات والارض ، ومانبت النبت ، وما أطت الابل ، وما اختلف الجرة والدرة ، وما ذرق شارق ، وفي أشباه ذلك ، ظناً منهم أن هذه الأشياء لا تتغير ، ويريدون بذلك التأييد لا التوقيت ، فخاطبهم سبحانه بالمتعارف من كلامهم على قدر عقولهم. ٤
وقد أجاب العلامة عن هذا الوجه بأنهم استعملوها في التأبيد وأكثروا منه ، ظناً منهم أن هذه الأمور دائمة مؤبدة. وأما من يصرح في كلامه بأنها مؤجلة الوجود منقطعة فانية ، ويعدّ الايمان بذلك إحدى فرائض النفوس ،
________________
١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٤. |
٢. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤. |
٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٢٦. |
٤. مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٤. |