مَجْذُوذٍ ) ليدل على الأبدية. ١
توضيح الوجه الخامس : إن الاستثناء على هذا الوجه استثناء من الخلود في النار لإخراج فساق الموحدين ، كما يشير اليه الاستثناء الأول ، أي أنهم سوف يخرجون من النار بعد مدة من العذاب ، فالخلود هنا منتقض باعتبار الانتهاء ، وفي الاستثناء يشير إلى أنهم مفارقون الجنة أيام عذابهم ، فالخلود على هذا منتقض باعتبار الابتداء في الاستثناء الثاني.
فإن قيل : إنه على هذا التفسير لا يكون قوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) تقسيماً صحيحاً ، لأن من شرطه أن تكون صفة كل قسم منتفية عن قسيمه ، وهنا قد اجتمع الوصفان في مصداق واحد.
قلنا : إن أهل الموقف لا يخرجون عن القسمين ، وإن حالهم لا يخلو عن السعادة والشقاوة ، وذلك لا يمنع اجتماع الأمرين في شخص واحد باعتبارين ، فيكون شقياً في زمان ، وسعيداً في زمان آخر. ٢
ومما يؤيد هذا الوجه روايةً ما نقله صاحب تفسير البرهان مسنداً إلى حمران قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) قال : « هذه في الذين يخرجون من النار ». ٣
توضيح الوجه السابع : إذ قلنا : إن الاستثناء في قوله تعالى : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) استثناء من ضمير الجمع المستتر في خالدين ، والمعنى هم جميعاً خالدون فيها إلّا ما شاء الله أن يخرج منها ويدخل الجنة ، فيكون تصديقاً لما في الأخبار أن المذنبين والعصاة من المؤمنين لايدومون في النار ، بل يخرجون منها ويدخلون الجنة
________________
١. راجع : ناصر مكارم الشيرازي ، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، ج ٧ ، ص ٦٧ ، ٦٨.
٢. راجع : تفسير البيضاوي ، ج ٣ ، ص ٢٦٣.
٣. السيد هاشم البحراني ، البرهان في تفسير القرآن ، ج ٣ ، ص ٢٣٤ ، ح ١٠.