بالبكاء والأنيني ، وهم في النار كما يفعل الحمار في نهيقه ، وهؤلاء يمكثون في النار مخلدين مادامت سماوات الآخرة وأرضها ، وكما هي دائمة فعذابهم وبقاؤهم في النار دائمة وأبدية ، ودخولهم الى النار بمشيئة الله تعالى كما كان دخولهم الى الجنة بمشيئة الله حيث لا يخرج شيء من قدرته ، وارادته تعالى والتي لا تنقطع عنهم بادخالهم الجنة الخالدة ، وقدرته باقية على ماكانت عليه قبل ذلك ، فله تعالى أن يخرجهم منها ، لكنه لا يخرجهم منها لمكان وعده ، وهو الذي لا يخلف الميعاد ، وكذلك الاستثناء الواقع في هذه الآية نظيره في آية الجنة لوحدة السياق وبالمقابلة والمحاذاة فأهل الخلود في النار كاهل الخلود في الجنة لا يخرجون منها أبداً إلّا أن يشاء الله سبحانه ، وذلك لأنه تعالى شأنه على كل شيء قدير ، ولا يوجب فعل من الأفعال إعطاء أو منع سلب قدرته على خلافه ، أو خروج الأمر من يده ، لأنّ قدرته مطلقة غير مقيدة بتقدير دون تقدير وأمر دون أمر ، وإن الله تعالى يفعل ما يشاء هو وما يريد من إخلادهم في النار أبداً. فالآية كما ترى لا دلالة فيها على انقطاع العذاب وإن احتملت دلالتها على الاستثناء من الخلود فهي دالة على اخراج المذنبين من الموحدين لا إخراج الكفار من النار ، وقد قال تعالى :( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )١
٢. قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ). ٢
هذه الآية واردة في حق الكفار ، والدليل هو ما بتبعها بعد آية ، وهو قوله تعالى : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا
________________
١. البقرة ، ١٦٧. |
٢. الانعام ، ١٢٨. |