الامم الغابرة ، وفيها ايئاس للكافرين من العفو الالهي ، كما قال العلامة الطباطبائي ١ والطبرسي. ٢ وفي هذه الآية يأمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآله بان لا يكون في شك من عبادة قومه لغير الله ، وما يعبد هؤلاء إلّا كما يعبد اُولئك الُامم الهالكة الذين كانوا آباءهم ، ولا شك انا سنعطيهم حظهم من الجزاء كما فعلنا ذلك بآبائهم. على أن سورة هود بكاملها نزلت في مكة ، فكل ذلك دليل على أن المقصود من الأشقياء هم الكفار ، ولا ريب أن الكفار مخلدون في النار بصريح القرآن ، كقوله تعالى : ( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) وعلى هذا لايمكن حمل الاستثناء في آية الخلود في النار على استثناء الفساق من الموحدين ، وما تقدم من بيان فساد بقية الوجوه فيلزم حملها على كون المقصود منها هو إثبات المشيئة الالهية ، وانه لا يخرج شيء عن إرادته تعالى.
فالمعنى : أن الله تعالى يخبر أن أهل الجمع يوم القيامة ينقسمون إلى من هو شقي لسوء عمله من الكفر والشرك والتكذيب بآيات الله ، وإلى من هو سعيد لايمانه وعمله الصالح ، وسياق الآية يدل على حصر أهل الجمع يوم القيامة في الفريقين السعداء والاشقياء ، فهي نظير قوله تعالى : ( وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) ٣ فقوله : ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) بمعونة السياق أنها تفيد الحصر ، وإن كانت وحدها بمعزل عن الدلالة ، والآية ناظرة إلى عاقبة الانسان ونتيجة عمله يوم القيامة ، فهو إما من الاشقياء أبداً ، وإما من السعداء أبداً ، وبعد ذلك فصلت الآية حال الفريقين بحرف التفصيل ( أما ) ، فأما الذين شقوا فهم داخلون في النار ، وهؤلاء من شدة العذاب يرددون أنفاسهم في صدورهم ويخرجونها بصوت عال
________________
١. راجع : تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٤٤.
٢. راجع : مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ١٩٨. |
٣. الشورىٰ ، ٨. |