نوع من العذاب اُغيثوا بأشدّ منه ، فتكون كل مرتبة منه متناهية في الشدة وإن كانت مراتبه غير متناهية بحسب العدد والعدة. ١
٥. وبخصوص الروايات التي تفسر الحقب بالسنة أو السنين ، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً واليوم كألف سنة مما تعدون ، هذه الروايات لايقصد بها تحديد الزمان وكون الحقب مدة معينة من الزمان ، بل هي كناية عن أبدية العذاب ، قال الفراء : الحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً ، اليوم منها ، ألف سنة من عدد الدنيا ، قال : وليس هذا مما يدل على غاية كما يظنّ بعض الناس ، وإنما يدل على الغاية التوقيت خمسة أحقاب أو عشرة فالمعنى أنهم يلبثون أحقاباً ، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر. ٢
وأما ما روي عن بعض الصحابة كقول عمر : لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه ، أو قول ابن مسعود : ليأتين على جهنم زمان وليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقاباً. هذه الروايات ونظيراتها كما يقول العلامة ٣ هي من أقوال الصحابة ولا حجة فيها على غيرهم ، ولو فرضت روايات موقوفة لكانت مطروحة بمخالفة الكتاب ، وقد قال تعالى : ( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ). ٤
فالوجه الصحيح في معنى آية الحقب : فقد ذكر المفسرون ذكروا في معنى الآية وجهين يمكن حمل الآية عليهما ، أما الوجه الذي ذكره القائلون بانقطاع العذاب ، وهو كون الحقب زمناً محدوداً عرفناه أو جهلناه ، وان الآية دالة على انقطاع العذاب ، فهو قول باطل وفاسد ، لانه معارض للكتاب والسنة المصرحة بالخلود في النار.
أما الوجهان المذكوران للمفسرين فالوجه الأول منهما هو كون المقصود من الآية توقيت لنوع العذاب لا لمكثهم في العذاب ، وعلى هذا الاعتبار يكون
________________
١. روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٠٧.
٢. تهذيب اللغة ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛ وراجع : لسان العرب ، ج ١ ، ص ٣٢٦.
٣. تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٩ ، ٤٠. |
٤. البقرة ، ١٦٧. |