فلمّا بلغ الحرّ هذا المقام من خطابه رشقوه بالسهام فتقهقر الحرّ وأقبل حتّى وقف بين يدي الحسين عليهالسلام وهنا صاح ابن سعد : يا دريد ، قدّم رايتك ، ورمى بسهم نحو معسكر الحسين ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير بأنّي أوّل من رمى بين يديه.
مبارزة الحرّ عليهالسلام وشهادته :
عند ذلك حمي غضب الحرّ واشتعلت نار حميّته فأجرى فرسه وهو يقول : يابن رسول الله ، كنت أوّل خارج عليك فأحببت أن أكون أوّل قتيل بين يديك ، ويوم القيامة أكون أوّل من يصافح جدّك ، وكان الحرّ يريد أن يعجّل بالقتال ويقدّم المجاهدين والمبارزين في الميدان ، لأنّ جماعة قد جرحوا واستشهدوا بأيدي الرماة.
وصفوة القول أنّ الإمام عليهالسلام اذن له فأقبل إلى الميدان كالأسد الهصور أو المرئ المستميت ، وهو يرتجز وفرسه تدور به :
آليت لا أُقتل حتّى أُقتلا |
|
ولن أُصاب اليوم إلّا مقبلا |
أضربهم بالسيف ضرباً معضلا |
|
لا ناكلاً فيهم لا معلّلا |
أحمي الحسين الماجد المؤمّلا |
|
لا حاجزاً عنهم ولا مبدّلا (١) |
ثمّ حمل عليهم كأنّه الصرصر العاصف وهو يرتجز ويقول :
إنّي أنا الحرّ ومأوى الضيف |
|
أضرب في أعناقكم بالسيف |
عن خير من حلّ بأرض الخيف |
|
أضربكم ولا أرى من حيف (٢) |
__________________
(١) وذكر المؤلّف بعد هذا الشعر ترجمته بالفارسيّة فتركناه بدون ترجمة لأنّها تكون حينئذ فضولاً من القول.
(٢) وذكر المؤلّف قطعة أدبيّة هي ترجمة للرجز وليس من الفنّ ترجمتها وإن احتوت على جمل ليست في الرجز.