الآخر منه ، وكان لصفوان ثلاثة إخوة نظائر له في الشجاعة والفروسيّة فخرجوا يطلبون بثأره وحملوا على الحرّ ، فتناول الحرّ أحدهم من مراق بطنه واقتلعه من صهوة فرسه وجلده به الأرض وقضى عليه ، وضرب الثاني بالسيف فقتله ، وهرب الثالث وولّى الحرّ ظهره فما كان الحرّ إلّا أن حمل عليه وغرس الرمح في قفاه وألحقه بأخويه ، ثمّ شهر سيفاً أمضى من أنياب الأسد وحمل على العسكر وكأنّ سيفه شعلة نار ، فحمل على الكفّار فطارت من حملته الرؤوس والأيدي وأردى الفارس وفرسه وأورده حمام الردى وهو يقول :
هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع |
|
فأنت بكاس الموت لا شكّ كارع |
وحام عن ابن المصطفى وحريمه |
|
لعلّك تلقى حصد ما أنت زارع |
لقد خاب قوم خالفوا الله ربّهم |
|
يريدون هدم الدين والدين شارع |
يريدون عمداً قتل آل محمّد |
|
وجدّهم يوم القيامة شافع |
وأخرج أبو جعفر الطبري بسنده عن أيّوب بن مشرح الخيواني كان يقول : أنا والله عقرت بالحرّ بن يزيد فرسه حشأته سهماً فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبا فوثب عنه الحرّ كأنّه ليث والسيف في يده وهو يقول :
إن تعقروا في فأنا ابن الحرّ |
|
أشجع من ذي لبدة هزبر (١) |
يقول السيّد بن طاووس : وجعل يقاتل أحسن قتال حتّى قتل جماعة من شجعان وأبطال (٢) ولم يزل يقاتل حتّى قتل ثمانين رجلاً من القوم الأخسرين أعمالاً وأوصلهم إلى دار البوار ، فنادى ابن سعد : ويحكم ! اثبتوا له وارموه
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ٣٣٣ وأنا أعرب ترجمة الرجز لأنّه نصّ أدبيّ : إن عقرتم فرسي فلم تعقروا نسبي ولئن جرحتم فرسي فأنا أنهض بفتوّة أبي ورجولتنا نحن بالطيّبات التي جرت في دمائنا امتداداً من جذورنا وشجاعتنا بطيب عنصرنا لا بمراكبنا.
(٢) اللهوف ، ص ٦٢.