الآن ، والشاهد على ما نقول عن دفن الحرّ في المكان المذكور الحكاية التي نقلها المحدّث الخبير السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانيّة والعلّامة المامقاني في رجاله عند ترجمة الحرّ بن يزيد وملّا علي الخياباني في وقايع الأيّام في المجلّد الخاصّ بمحرّم الحرام ، فقد روى هؤلاء عن الثقاة :
أنّ الشاه إسماعيل الصفوي لمّا فتح بغداد ذهب إلى زيارة العتبات ، وبعد أن تشرّف بتقبيل عتبة الروضة الحسينيّة ذهب إلى زيارة الحرّ عليهالسلام وكان بعض المرجفين يلقون الشبهة في أذهان العامّة بقولهم : من أين نعلم بقبول توبة الحرّ ؟ فقال الشاه إسماعيل : من المعلوم أنّ الأرض لا تأكل جسد الشهيد والآن أتثبّت من بطلان هذه الشبهة ، ثمّ أمر بكشف قبر الحرّ فرأوا الحرّ راقداً على حاله كأنّه قتل الساعة وما زال مضمّخاً بدمه وقد عصّبت جبهته بخرقة ، فقال الشاه إسماعيل : لا بدّ من كون الإمام قد وضع هذه العصابة على رأسه فأمر بأخذها للبركة ، فلمّا أُزيلت من رأسه انبعث الدم جارياً من جديد فعصّبوا رأسه بخرقة أُخرى فلم يزل الدم منبعثاً فلمّا أعادوا العصابة الأُولى توقّف الدم عن الجريان فثبت عندهم حسن حاله وأمر شاه إسماعيل ببناء مرقد ووظّف فيه سادناً لأداء الخدمات لقبره رضوان الله عليه (١).
__________________
(١) أقول : لا ينبغي أن تجعل هذه الحكاية إن صحّت أو لم تصحّ دليلاً حسن حال الحرّ بعد قول الإمام الحسين فيه : إن تبت تاب الله عليك وقد تاب واستشهد كما قال الله تعالى : ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) ومن يكون إسماعيل الصفوي هذا بعد قول الحسين عليهالسلام للحر : أنت حرّ في الدنيا وسعيد في الآخرة ، وأنت حرّ كما سمّتك أُمّك ، وإنّي على يقين من أنّ الشاكّ في قبول توبة الحرّ كالشاكّ في قبول توبة آدم ، فأرجو أن لا توضع هذه القضيّة موضع البحث لأنّها مفروغ منها. (المترجم)