وأذكر هنا رواية ذكرها الطبري والقاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام لما لها من دخل في ترجمة زاهر.
وكان عمرو بن الحمق من الذين بشّرهم رسول الله بالجنّة وعاش بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وجدّ معاوية في البحث عنه لأنّه كان من أصحاب حجر بن عدي في عهد ولاية زياد بن أبيه على الكوفة وكانا قد أقاما مجلساً كبيراً في مسجد الكوفة لمناصرة أمير المؤمنين والدفاع عنه ، وكانا يتلوان أحاديث الإمام في كلّ حين ، ففرّقهم زياد. قال الطبري (١) :
كان زياد بن أبيه على المنبر فحصبه عمرو بن الحمق بالحصى وأعانه على ذلك زاهر بن عمرو لأنّه كان صاحبه وكانا متّحدين قولاً وفعلاً ، فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر (ففشوا بالعمد) فضرب رجل (من الحمراء) يقال له « بكر ابن عبيد » رأس عمرو بن عبيد بعمود فوقع ، فعجّل إليه ناس من الأزد فطافوا به ، وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الأزد فحملاه فأتيا به دار رجل من الأزد يقال له «عبيدالله بن مالك» فخبّأه بها فلم يزل بها متوارياً حتّى خرج منها إلى أن أرسل معاوية إلى زياد بحبس عمرو بن الحمق وصاحبه زاهر بن عمرو وسوقهما إلى الشام ، فلم يظفر بهما زياد فخرج عمرو بن الحمق من الكوفة مستخفياً واختبأ بغار قريب من الموصل فبلغ العامل خبرهما فأرسل في طلبهما فلم يقو عمرو على الفرار ولكن زاهر استوى على فرسه فناداه عمرو : ما تريد أن تصنع ؟ فقال زاهر : أذبّ عنك بسيفي ، فقال : وما يغني سيفك عنّي
__________________
(١) لم ينقل المؤلّف نصّ الطبري وإنّما ترجمه وتصرّف فيه ، والنصّ عند الطبري طويل جدّاً بحيث تتناول الأحداث كلّها وما وقع لحجر وأصحابه فرأيت متابعة الطبري شاقّة جدّاً بل يتخلّل الفقرات التي اختارها المؤلّف جمل كثيرة لا ربط لها بما نحن فيه من ثمّ اعتمدت على الترجمة وأشرت إلى الطبري وغيره.