وعنك ولكن انج بنفسك من القوم ، فحمل عليهم زاهر واجتازهم عدواً على فرسه فخالوه عمراً بن الحمق لذلك لمّا قبضوا عليه سألوه : من أنت ؟ قال : أنا من إن تركتموه كان خيراً لكم ، وإن قتلتموه كان شرّاً لكم ، فما عرّفهم بنفسه ، فساقوه إلى عامل الموصل عبدالرحمن بن عثمان الثقفي المعروف بابن أُمّ الحكم وهو ابن أُخت معاوية ، فعرف عمراً وكاتب معاوية بقصّته فأرسل إليه معاوية أنّ عمراً بن الحمق طعن عثمان بخنجر فافعل به ما فعله بعثمان ، ثمّ أخرجوه وطعنوه فخنجر فمات بالطعنة الثانية (١).
وقال القاضي النعمان المصري في دعائم الإسلام : هرب عمرو بن الحمق من معاوية إلى الجزيرة وصاحبه رجل من أصحاب عليّ عليهالسلام يُدعى زاهر بن عمرو
__________________
(١) وأنا أنقل لك رواية الطبري عن مقتل عمرو ، قال : وزياد ليس له عمل إلّا طلب رؤساء أصحاب حجر ، فخرج عمرو بن الحمق ورفاعة بن شدّاد (لا أثر لزاهر الذي ذكره المؤلّف هنا ـ المترجم) حتّى نزلا المدائن ثمّ ارتحلا حتّى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلاً فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أنّ رجلين قد كمنا في جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له : عبدالله بن أبي بلتعة ، فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلمّا انتهى إليهما خرجا فأمّا عمرو بن الحمق فكان مريضاً وكان بطنه قد سقي ، فلم يكن عنده امتناع ، وأما رفاعة بن شداد وكان شابّاً قويّاً فوثب على فرسٍ له جواد فقال له : أُقاتل عنك ، قال : وما ينفعني أن تقاتل ، انج بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم فأفرجوا له فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان رامياً فأخذ لا يلحقه فارس إلّا رماه فجرحه أو عقره ، فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت ؟ فقال : من إن تركتموه كان أسلم لكم ، وإن قتلتموه كان أضرّ لكم ، فسألوه فأبى أن يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبدالرحمن بن عبدالله بن عثمان الثقفي ، فلمّا راى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره فكتب إليه معاوية أنّه زعم أنّه طعن عثمان تسع طعنات بمشاقص كانت معه وإنّا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان بن عفّان ، فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الأولى منهنّ أو الثانية. (تاريخ الرسل والملوك لابن جرير الطبري ، ج ٤ ص ١٩٢).