الكندي حتّى إذا أراحوا ليلاً في أحد الوديان لدغت حيّة عمراً فلمّا أصبح كان الورم قد استشرى في بدنه كلّه ، فقال لزاهر : ابتعد عنّي ما استطعت واتركني لأنّ حبيبي رسول الله أخبرني أنّ الجنّ والإنس يشتركان في دمي ، وبناءاً على هذا فإنّي مقتول لا محالة ، فقد بان لي من شدّة سريان السمّ في جسمي أنّها آخر أيّامي من الدنيا وأنا ميّت حتماً وسيضلّ العدوّ هذه الساعة ، فبينما هما يتحاوران وإذا بآذان الخيل قد ظهرت وهي تطلبهما ، فقال عمرو : قم يا زاهر واستخفي حتّى أُقتل ويفصلوا رأسي عن جسمي ، فإذا تركوني فوار جسدي.
فقال زاهر : لا أفعل ذلك أبداً ، فلن أُفارقك ولن أتخلّى عن نصرتك وسأُناضلكم حتّى آخر سهم ، فإذا فنيت سهامي أُقتل معك.
فقال له عمرو بن الحمق : أقسمت عليك ألّا تفعل إلّا ما أقول لك ، لأنّ ذلك ينفعك منفعة كبرى. ولمّا فرغ عمرو من حديثه أطاعه زاهر واختبأ عن عدوّه ، ثمّ قطعوا رأس عمرو بن الحمق ورفعوه على رأس الرمح وحملوه من بلد إلى بلد إلى أن بلغوا به الشام (١).
قال في نفس المهموم : فظهر أنّ زاهراً كان من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وخصّص بمتابعة عمرو بن الحمق الخزاعي ـ ولهذا قيل له مولى عمرو بن الحمق فالمولى في هذا المقام بمعنى التابع ... من الشيخ عبّاس / المترجم ـ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله ... ووفّق بموالاته ودفنه ثمّ ساقته السعادة إلى أن رُزِق في نصرة الحسين عليهالسلام الشهادة ، وكان من أحفاده أبو جعفر محمّد بن سنان (الزاهري) (من أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهمالسلام) .. المتوفّى سنة ٢٢٠ وهو يروي عن الرضا والجواد عليهماالسلام ، واختلف فيه علماء الرجال فعدّه الشيخ المفيد من الثقات ، وتوقّف
__________________
(١) الرواية مترجمة وأرجو القارئ أن يرجع إلى دعائم الإسلام ليأخذها منه ولا يقنع بالمترجم.