الحسين بن عليّ عليهماالسلام » فنزل هو بأصحابه في جانب ونزلنا في الجانب الآخر « فبينا نحن نتغدّى إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتّى سلّم وقال : يا زهير ، إنّ أبا عبدالله بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّما على رؤوسنا الطير. فقالت له امرأته : (ديلم أو دلهم بنت عمرو) : سبحان الله ! يبعث إليك ابن رسول الله فلا تأتيه ، لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت ، فأتاه زهير فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله فقوّض وحمل إلى الحسين عليهالسلام وحمل إلى الحسين عليهالسلام ، وقال لامرأته : أنت طالق ، الحقي بأهلك فإنّي لا أُحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير ، ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتّبعني وإلّا فهو آخر العهد وإنّي سأُحدّثكم حديثاً :
غزونا البحر (بلنجر) ففتح الله علينا وأصبنا غنائم فقال لنا سلمان الفارسي رحمة الله عليه (١) : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فأستودعكم الله ، ثمّ لم يزل مع الحسين عليهالسلام حتّى قُتل رحمة الله عليه (٢).
__________________
(١) بفتحين وسكون النون وجيم مفتوحة وراء كغضنفر مدينة ببلاد الخزر خلف « باب الأبواب » (بلنجر أيضاً اسم لمدينة قرب بادكوبه) فتحت من زمن عثمان بن عفّان في سنة ٣٢ من الهجرة على يد عبدالرحمن بن ربيعة الباهلي ، وقال البلاذري : على يد سلمان بن ربيعة الباهلي قبل عبدالرحمن ، ودفن في بلنجر ثمّ أخذ الراية أخوه سلمان بن ربيعة فلم يزل يقاتل إلى أن فتح الله على يديه ثمّ سار بجيشه خلف بلنجر فقُتل في تلك الواقعة أربعة آلاف من المسلمين ، وقتل سلمان بن ربيعة في قصّة طويلة. وكان زهير بن القين في تلك الحروف رضي الله تعالى عنه غير أنّه لم يكن مع عليّ بن أبي طالب في حروبه الثلاثة وكان عثمانيّاً ، إنّما الأُمور خواتيمها ، فختم الله له بالشهادة رضي الله تعالى عنه. (منه)
(٢) داخل الرواية الدرّ النظيم كلام ليس منه ونحن ميّزنا روايته بوضع أقواس صغيرة لحصر كلام الدرّ النظيم بينها ـ المترجم. راجع الدرّ النظيم ، ص ٥٤٨ ؛ وعزاه إلى الإرشاد ، ج ١ ص ٢٢١.