أمّا بعد ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عنّي خيراً ، ألا وإنّي لأظنّ يوماً لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم بالانصراف فانطلقوا جميعاً أنتم في حلّ من بيعتي ، ليس عليكم حرج منّي ولا ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنّهم لا يريدون غيري (أنتم انجوا بأنفسكم فإنّ الليل ستّير ، والحرّ غير هجير ، والطريق لكم غير خطير).
فقام زهير بن القين وقال : يا سيّدي ، والله لوددت أنّي قُتِلت ثمّ نُشِرت ثمّ قُتلت حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن نفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك (١).
وفي زيارة الناحية : « السلام على زهير بن القين البجلي ، القائل للحسين عليهالسلام وقد أذن له في الانصراف : لا والله لا يكون ذلك أبداً ، أأترك ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو ، لا أراني الله ذلك اليوم أبداً » (٢).
من قصيدة فاخرة للسيّد حيدر الحلّي :
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة |
|
يجرّعها كأس المنيّة مترف |
تطلّ بأسياف الضلال دمائهم |
|
وتلغى وصايا الله فيهم وتحذف |
وهم خير من تحت السماء بأسرهم |
|
وأكرم من فوق السماء وأشرف |
__________________
(١) ذكر البحار شطراً من ذلك ج ٤٤ ص ٣٩٣ ومثله العوالم ، ص ٢٤٣ ؛ لواعج الأشجان ، ص ١١٨ ؛ موسوعة كلمات الحسين ، ص ٤٧٩ ، ولم أعثر على سياق المؤلّف فيها ولا في غيرها وأحسب الزيادة التي وضعتها بين قوسين مقحمة في النصّ وليست منه.
(٢) إقبال السيّد ابن طاووس عن الشيخ الصالح أبي منصور بن عبدالمنعم بن النعمان البغدادي رحمهالله ، قال : خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين ... راجع العوالم ، ص ٣٢٧.