وثبت أبو ثَمامة مع مسلم حتّى تفرّق الناس عنه ، واستخفى مسلم عليهالسلام ، عند ذلك لجأ أبو ثَمامة إلى قبيلته (١). فجدّ عبيدالله بن زياد في طلبه وبالغ في ذلك حتّى اضطرّه للخروج من الكوفة مستخفياً إلى أن لحق بالحسين مع نافع بن هلال حين تلاقيا في الطريق.
وروى الطبري وآخرون أنّ عمر بن سعد لمّا بلغ بعسكره كربلاء أراد أن يرسل إلى الحسين يستطلع رأيه ، ويقف على السبب الذي حمله على القدوم إلى العراق ، فكلّ من أراده على ذلك يأبى المصير إليه عليهالسلام ويقول : أنا أستحيي من الحسين لأنّني كتبت إليه ، وامتنع رؤساء الجيش كلّهم إلى أن قام كثير بن عبدالله الشعبي وقال : أرسلوني إليه ، وإن شئت لأفتكنّ به. فقال عمر بن سعد : ما أُريد أن تفتك به ولكن ائته فسله ما الذي جاء به.
فأقبل اليه (وكان رجلاً فتّاكاً خبيثاً) (٢) ، فلمّا رآه أبو ثَمامة الصائدي قال للحسين : أصلحك الله أبا عبدالله ، قد جاءك شرّ أهل الأرض وأجرأه على دم وأفتكه ، قام إليه فقال : ضع سيفك ، قال : لا والله ولا كرامة ، إنّما أنا رسول ، فإن سمعتم منّي أبلغتكم ما أُرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم. فقال له : فإنّي آخذ بقائم سيفك ثمّ تكلّم بحاجتك ، قال : لا والله ولا تمسّه. فقال : أخبرني
__________________
(١) إنّ ابن عساكر ذكر في تاريخ الشام وقال : هو عمرو بن عبدالله بن سعد بن حنظلة بن دارم بن عبدالله بن كعب بن صائد بن شرحبيل بن عمرو بن جشم بن حاشد بن جشم بن حيزوم بن حمدان ، أبو ثَمامة ـ بالثاء المثلّثة المفتوحة وميمين بينهما ألف ـ. والصائدي منسوب إلى بني صائد ، بطن من همدان ، ومثل ذلك في الإصابة. وذكره الأسترآبادي في رجاله الكبير وقال : هو من أصحاب الحسين وشهد مع عليّ مشاهده كلّها ، وبعده صحب الحسين ثمّ بقي في الكوفة إلى أن هلك معاوية. وذكره الطبري والجزري وأبو مخنف وغيرهم.
(٢) زيادة من المؤلّف.