ما جئت به وأنا أُبلّغه عنك ولا أدعك تدنو منه فإنّك فاجر.
قال : فاستبّا ثمّ انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر ، قال : فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرّة ، ألق حسيناً فسله ما جاء به ؟ وماذا يريد ؟ قال : فأتاه قرّة بن قيس فلمّا رآه مقبلاً ، قال : أتعرفون هذا ؟ فقال حبيب بن مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة تميميّ وهو ابن أُختنا ، ولقد كنت أعرفه بحسن الرأي وما كنت أراه يشهد هذا المشهد.
قال : فجاء حتّى سلّم على الحسين وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه له ، فقال الحسين عليهالسلام : كتب إليّ أهل مصركم هذا أن أقدم ، فأمّا اذا كرهوني فأنا أنصرف عنهم. قال : ثمّ قال له حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّة بن قيس ! أنّة ترجع إلى القوم الظالمين ؟! انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك الله بالكرامة وإيّانا معك. فقال له قرّة : أرجع إلى صاحبي بجواب رسالته وأرى رأيي. قال : فانصرف إلى عمر بن سعد وأخبره الخبر .. (١).
ونقلت أكثر الكتب أنّه في يوم عاشوراء حين حاصر العدوّ بجيوشه الجرّارة وتهاوى أصحابه كالنجوم الواحد تلو الآخر في الشهادة ، فكان النقص يبيّن في جماعتهم إذا قتل منهم الواحد والإثنان لقلّتهم ، ولا يبيّن النقص في جيش ابن سعد لكثرتهم ، فلمّا شاهد ذلك أبو ثَمامة قال للحسين : يا أبا عبدالله ، نفسي لك الفداء ، إنّي أرى هؤلاء القوم قد اقتربوا منك ولا والله لا تقتل حتّى أُقتل دونك إن شاء الله ، وأُحبّ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة وقد دنى وقتها.
قال : فرفع الحسين رأسه ثمّ قال : ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم هذا أوّل وقتها. ثمّ قال : سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّي.
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ٣١٠ و ٣١١.