لحيدرة الكرّار من الطراز الأوّل.
وعن الحدائق الورديّة : إنّ عابساً من زعماء الشيعة ومن بني شاكر الذين قال فيهم أمير المؤمنين ـ بناءاً على ما نقله نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ـ : بنو شاكر لو تمّت عدّتهم لعُبِد الله حقّ عبادته.
وكان عابس من فتيان الصباح وهو شاكريّ وادعيّ يُدعى باسم قبيلته.
قال أبو مخنف : لمّا نزل مسلم دار المختار وبايعه ثمانية عشر ألف مبايع من هؤلاء عابس بن شبيب ، قام فيهم خطيباً وخطبهم خطبة غاية في الفصاحة والبلاغة ثمّ رمى ببصره إلى مسلم عليهالسلام وقال :
أمّا بعد ، فإنّي لا أُخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أغرّك منهم ، والله أُحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأُجيبنّكم إذا دعوتم ولأُقاتلنّ معكم عدوّكم ، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى الله لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله.
فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال : رحمك الله قد قضيت ما في نفسي بواجز
__________________
= وقال أبو مخنف : لمّا قدم مسلم بن عقيل الكوفة فنزل دار المختار وأقبلت الشيعة تختلف إليه فكلّما اجتمع إليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليهالسلام فجعلوا يبكون ، وبايعه الناس حتّى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً ، فقام عابس بن شبيب الشاكري خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّي لا أُخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أغرّك منهم ولكن والله أُخبرك بما أنا موطّن نفسي عليه ، والله لأُجيبكم إذا دعوتموني ولأُقاتلنّ معكم إذا دعوتموني ، ولأُقاتلنّ معكم عدوّكم ، ولأضربنّ بسيفي هذا دونكم حتّى ألقى الله لا أُريد بذلك إلّا ما عند الله.
فقام حبيب بن مظاهر وقال لعابس : يرحمك الله ، قد قضيت ما عليك وأنا مثل ذلك.
قال الطبري : إنّ مسلماً لمّا بايعه الناس كتب إلى الحسين كتاباً وسلّمه إلى عابس بن شبيب وأرسله إلى مكّة فصحبه شوذب مولى شاكر (منه رحمهالله) وتجد بعض ذلك في مقتل أبي مخنف ، ص ٢٠.