ورد إليّ كتاب مسلم بن عقيل يخبرني بحسن رأيكم واجتماعكم على نصرتنا (وطلب حقّنا) فأسال الله تعالى أن يحسن لنا ولكم العاقبة (أسأل الله أن يحسن لكم الأجر والمثوبة على حسن عملكم ، اعلموا بأنّي قد انفصلت عن مكّة في اليوم الثامن من ذي الحجّة فإذا وصلكم رسولي هذا فكونوا يقظين فإنّي سوف أصل إليكم في هذه الأيّام إن شاء الله ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وقد جئتكم بأهلي وصحبي ، فإذا قدم إليكم رسولي هذا فاكتبوا معه بما تحتاجون ، والسلام ... » وطوى الكتاب وسلّمه إلى عبدالله بن يقطر وأمره بالعجلة.
فسار عبدالله بالكتاب يطوي السهل والجبل ، وكان على القادسيّة الحصين بن نمير يحرس الطريق ، فقبض رجاله عليه وأتوا به إليه فأمر بتفتيشه للعثور على كتاب إن كان معه ، فلمّا سمع عبدالله ذلك أخرج الكتاب ومزّقه قطعة قطعة بحيث لا يمكن الاستفادة منه فساقه الحصين مكتوفاً إلى ابن زياد فلمّا مثل بين يديه قال له ابن زياد : من أنت وما الذي جئت به ؟ فقال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه الحسين ، فقال : لم مزّقت الكتاب الذي كان معك ؟ قال : لئلّا تعلم ما فيه. قال ابن زياد : لمن أرسل الكتاب ؟ قال : من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة. قال : من هم ؟ قال : لا أعرف أسمائهم ، فغضب ابن زياد ، فقال : لا بدّ من ذكر أسمائهم ومن لعن الحسين وأبيه وأخيه وإلّا فإنّي سوف آمر لك بالسيف يقطعك إرباً إرباً ، فقال : أنا لا أذكر أسمائهم ولكنّي أصعد المنبر وألعن من تريد ، فأذن له ابن زياد ، فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيّ فصلّى عليه وصلّى على عليّ وبنيه صلاة متواترة ثمّ لعن عبيدالله بن زياد وأباه ولعن بني أُميّة الأوّل والآخر منهم ، فلم يترك أحداً منهم ، ثمّ نادى بأعلى صوته : أيّها الناس ، أنا رسول الحسين عليهالسلام وقد خلّفته بأرض الرملة فأجيبوا إمامكم.
فأمر ابن زياد به بانزاله من المنبر وصعدوا به إلى أعلى
القصر ورموه منه