وكان سهمه النصيب الأوفى |
|
صفى له كالعسل المصفّى |
فهو وإن أصبح ظامي الحشا |
|
من نار شوقه تلظّى عطشا |
لم تبرد الغلّة من أحشاه |
|
حتّى سقاه السهم ما سقاه |
وما رمى رماه إذ رماه حرملة |
|
وإنّما رماه من مهّد له |
سهم أتى من جانب السقيفه |
|
وقوسه على يد الخليفه |
ويل له ممّا جنت يداه |
|
وهل جنى بما جنى عداه |
وما أصاب سهمه نحر الصبي |
|
بل كبد الدين ومهجة النبي |
لهفي على أبيه إذ رآه |
|
غارت لشدّة الظما عيناه |
فلم يجد شربة ماءٍ للصّبي |
|
فساقه التقدير نحو الطلب |
وهي على الأبيّ أعظم الكرب |
|
وكيف بالحرمان من بعد الطلب |
سقاه سهم المارق اللعين |
|
ماء المنون بدل المَعين |
يا ويل لابن كاهل المشؤوم |
|
من سهمه المحدَّد المسموم |
في حين ما كان عليه يعطف |
|
رآه في دمائه يرفرف |
من دمه الزاكي رمى نحو السما |
|
فما أجلّ لطفه وأعظما |
لو كان لم يرم بها إليها |
|
لساخت الأرض بمن عليها |
فاحمرّت السماء من فيض دمه |
|
ويل من الله لهم من نقمه |
فكيف حال أُمّه حيث ترى |
|
رضيعها جرى عليه ما جرى |
غادرها كالدرّة البيضاء |
|
وعاد كالياقوتة الحمراء |
حنّت عليه حنّة الفصيل |
|
بكته بالإشراق والأصيل |
كيف وقد فارق روحه البدن |
|
فحقّ أن تبكي له مدى الزمن |
رقّ له العدوّ والصديق |
|
وهو رضيع وبه حقيق |
وحقّ للسماء أن تبكي دما |
|
كيف وبالسهم غدا منفطما |