هرب غلامان لمسلم بن عقيل من عسكر الحسين عليهالسلام (١) وقبض عليهما شرطة
__________________
(١) واختلفوا في هذين الغلامين هل كانا مع مسلم حين خرج من الكوفة ولمّا أيقن بالقتل دفعهما إلى شريح القاضي أو أنّهما كانا مع الحسين عليهالسلام وفرّا من المخيّم حين جرت الغارة عليهم من العدو أو أنّهما هربا من الكوفة بعد وصول السبايا إليها ؟ لا يزال الأمر عنهما غامضاً.
يقول صاحب ناسخ التواريخ : لم أعثر على شهادة محمّد وإبراهيم ابني مسلم في كتب القدماء إلّا نادراً لكن ابن الأعثم الكوفي يقول : لمّا حبس ابن زياد هانياً بن عروة وخرج مسلم من دار هاني وعبّأ شيعته للهجوم على دار الإمارة أودع ولدين له عند شريح القاضي ليكونا بمأمن من شرطة ابن زياد في جواره مع أنّ صاحب روضة الشهداء يقول : كان الغلامان بأمر أبيهما في دار شريح القاضي إلى أن استشهد مسلم عليهالسلام ، فأُخبر ابن زياد بأنّ أهل الكوفة خبّئا ولدي مسلم بن عقيل وإنّهم يحتفظون بهما ، فأمر ابن زياد مناديه ينادي في الكوفة : برئت الذمّة ممّن يعلم مكانهما ولا يدلّ عليهما ، تهدم داره ويهدر دمه وتنهب أمواله.
فلمّا سمع شريح هذا النداء أحضر محمّداً وإبراهيم عنده وشرع في البكاء ، فقيل له : ما هذا يا شريح ؟ فقال : اعلموا أنّ أباكما مسلم قد استشهد وذهب من هذه الدار الفانية إلى الجنان الدائمة الباقية ، فصرخ الغلامان وعمدا إلى جيبهما فشقّاه وحثيا التراب على رأسيهما وصاحا : وا أبتاه وا غريباه ، فقال شريح : يا ابني أخي ، لا تبكيا ، ولا تهتمّا لقتلي وسجني ، لأنّ ابن زياد يطلبكما الآن أين ما كنتما ، ولا يهدأ له بال حتّى يأسركما ، ويهلك من أجاركما ، فسكتا خوفاً من ابن زياد ، وجلسا صامتين خوفاً من ابن زياد لعنه الله ، فقال شريح : أنتما قرّتا عيني ونور فؤادي ، وإنّي رأيت أن أُودعكما بيد أمينة توصلكما إلى المدينة وتسلّمكما إلى قومكما ، وقال لابنه ويُدعى أسد : إنّي سمعت على باب المدينة قافلة عراقيّة تنوي السفر إلى المدينة فأوصل الطفلين إليها وسلّمهما إلى رجل مؤتمن ليوصلهما إلى هناك ، وأعطى كلّ واحد منهما خمسين ديناراً.
فلمّا جنّ الظلام خرج بهما أسد
إلى خارج الكوفة فوجد قافلة قد غادرت المكان ، وألقى أسد نظرة على الطريق فوجد شبح القافلة يبدو لعينيه من بعيد ، وقال للغلامين : هذا
السواد الذي تريانه شبح القافلة فأسرعا حتّى تلحقا بها ثمّ تركهما وانصرف ، فخرج الغلامان وراء
القافلة وكانا لا يعرفان الطريق فأضلّاه وضيّعا القافلة ولم يعثرا لها على عين ولا أثر ، ورآهما
جماعة من أهل الكوفة فعلما أنّهما ابنا مسلم بن عقيل عليهالسلام فأخذوهما إلى ابن زياد
لعنه الله فأمر بسجنهما وكتب إلى يزيد كتاباً يستشيره بأمرهما وكان السجّان واسمه مشكور من محبّي أهل البيت عليهمالسلام
فنالته
=