..........................................
__________________
= رحمة لهما لمّا شاهد بكائهما ولوعتهما ، فمهّد لهما الفراش وأطاب لهما الطعام وبالغ بإكرامهما ، ولمّا أتت عليهما ليلة أُخرى وأرخى الليل سدوله خرج بهما إلى طريق القادسيّة وأعطاهما خاتمه وقال : صيّراه معكما فإنّه العلامة بيني وبينكما ، فإذا بلغتما القادسيّة فأخبرا أخي هناك وأعطياه الخاتم لكي يرفق بكما ويخدمكما ، فعاد مشكور من حيث أتى.
وأخذ الغلامان طريق القادسيّة فأضلّا الطريق مرّة أُخرى وبقيا يحومان حول البلد الليل كلّه فلمّا انكشف عمود الصبح علما أنّهما بالقرب من الكوفة ، فخافا خوفاً شديداً وخشيا أن يقعا في الأسر مرّة ثانية ، فقصدا ناحية السواد وأخفيا أنفسهما في غابة نخل عندها عين ماء ، فأقبلت جارية حبشيّة تستقي من العين ، فرأت خيالهما في ماء العين فأقبلت عليهما وأظهرت الودّ لهما واللطف بهما وأخبرتهما عن سيّدتها وعنها بمحبّتهما لأهل البيت وأقبلت بهما إلى بيت سيّدتها ، فقامت إليهما السيّدة فغسلت وجهيهما بعد أن قبّلتهما وأعتقت الجارية وخبّأتهما في بيتها وبالغت بإكرامهما وإطعامهما ، وأسرّت إلى الجارية بكتمان الأمر عن زوجها.
وأرسل ابن زياد خلف السجّان « مشكور » وسأله عن الغلامين ، فقال : أطلقت سراحهما قربة إلى الله تعالى ، قال : أما خفتني ؟ قال : إنّي لا أخاف إلّا الله ، ويحك يابن زياد ! بالأمس قتلت أباهما ، فما تريد من هذين الطفلين ، فغضب ابن زياد وقال : لأضربنّ عنقك ، فقال : لا أُريد عنقاً ليست للمصطفى ، ثمّ أمر ابن زياد بجلده خمسمائة سوط ثمّ تضرب عنقه ، ولمّا وقع بين العقابين وابتدأوا بجلده ، قال عند أوّل سوط يمسّ جسده : « بسم الله الرحمن الرحيم » ، وعند الثاني قال : « اللهمّ ألهمني الصبر » ، وفي الثالث قال : « اللهمّ إليك المشتكى فإنّهم يقتلوني على حبّ آل بيت نبيّك » ، وقال عند الرابع والخامس : « اللهمّ أدركني برحمتك » ثمّ أخلد إلى الصمت حتّى استوفى الضارب خمسمائة سوط من جسمه وهنا نطق طالباً شربة من الماء ، فقال ابن زياد : اضربوا عنقه وهو عطشان ، فطلب عمرو بن حريث من ابن زياد أن يهبه له ويذهب به إلى البيت ليعالج جراحه ، ففتح مشكور عينه وجاؤوه بالماء ، فقال : لا حاجة لي به لقد ارتويت الساعة من ماء الكوثر ، قال هذا وأسلم الروح.
تعليق المترجم : آثار الصنعة
ظاهرة على هذه الحكاية ولا أظنّ عاقلاً يشكّ في وضعها لا سيّما إذا أدرك أنّ راويها صاحب روضة الشهداء وقد قيل عنه أنّه تذبذب بين السنّة والشيعة في
سبزوار وهراة وشاهد ذلك ثنائه البالغ على شريح القاضي ، وهل قتل مسلم وهاني إلّا بتدبير
من هذا
=