ابن زياد فاستدعى اللعين سجّانه وأمره بسجنهما وبالتضييق عليهما ومنعهما من لذيذ الزاد ومريء الماء ، فأطاعه وتركهما في ضيق السجن ، فكانا يصومان في النهار فإذا جنّ عليهما الليل أعطاهما السجّان قرصين من الشعير وكوزاً من الماء فكان إفطارهما على ذلك ، فامتدّ بهما الحبس سنة بأكملها ، فقال أحد الغلامين لأخيه بعد مرور هذه المدّة الطويلة : إنّ حبسنا هنا قد طال وأوشك عمرنا الفاني وجسدنا الواهي على الدثور ، فإذا جاءك هذا السجّان الشيخ فاشكو له حالنا وعرّفه بنسبنا وقربنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلّه يخفّف عنّا.
فلمّا جنّ عليهما الليل أقبل السجّان كعادته بإفطارهما المعهود ، فقال له الأصغر : أيّها الشيخ ، أتعرف محمّد صلىاللهعليهوآله ؟ فقال : نعم وكيف لا أعرفه وهو نبيّي. فقال : أو تعرف جعفراً بن أبي طالب عليهالسلام ؟ فقال : نعم ذلك هو الرجل الذي أنعم الله عليه بجناحين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة. فقال : وعليّ بن أبي طالب هل تعرفه ؟ فقال : كيف لا أعرفه وهو ابن عمّ رسول الله وأخوه. عند ذلك قال : أيّها الشيخ ، نحن عترة نبيّك ، نحن غلامان لمسلم بن عقيل والآن وقعنا في سجنك ، فلا تضيّق علينا واعرف لنا حرمتنا.
فلمّا سمع الشيخ قولهما وقع على أقدامهما يقبّلهما وهو يقول : بأبي أنتم وأُمّي ، ونفسي لكم الفداء يا أبناء المصطفى وعترته ، هذا باب السجن مفتوح لكم فاذهبا أنّى شئتما.
فلمّا خيّم ظلام الليل على الوجود كلّه أعطاهما قرصين من الشعير وكوز الماء
__________________
= الملعون فمتى كانت له الصلة الوطيدة بمسلم بحيث يترك مسلم خيار الشيعة في الكوفة ويأتمنه على ولديه ؟ وهل يؤتمن الذئب على الحمل ؟ أرجو مخلصاً من القارئ أن يحتاط لدينه ويعرض عن هذه الموضوعات ، وأنا أتعجّب من المؤلّف الفاضل كيف ساغ له نقل هذه المناكير. (المترجم)