ولو لم يحز عليّ الأكبر جميع صفات النبيّ لم يطلع الحسين عليهالسلام مثل هذا التعبير (١).
أمّا خلق رسول الله صلىاللهعليهوآله :
إنّ النسخة الثانية عليّ الأكبر وما يستطيع القائل أن يقول بعد قوله تعالى : ( إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٢) يقول المجلسي في حياة القلوب موجزاً : لا يجرّ قدميه إذا مشى وإنّما يزول قلعاً ، مشيهُ غاية في الوقار ، وإذا كلّمه أحد أو كلّم أحداً لا ينظر إليه بمؤخّر عينيه بل يقبل عليه بكلّه ، وفي أكثر أحواله يرمق الأرض بطرفه عند الكلام ، ونظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء ، ويبدأ من يراه بالسلام ، دائم الفكرة ، لا يخلو من الاشتغال بالتفكير ، لا يتكلّم إلّا لحاجة ، وله جوامع الكلم ، الألفاظ القليلة بالدلالة الكبيرة ، لم يكن فظّاً في أخلاقه ولا غليظاً ، ولا يحتقر أحداً ، وتعظم في عينه النعم القليلة ، لم يذمّ نعمة قطّ ، لا يحزن على ففوات
__________________
(١) وإليك سيّدي القارئ هذه الصفات الشريفة من كتاب الخصال فعند قوله تقف الأقوال ، لأنّه الصدوق وما أدراك من الصدوق ؟ فقال : يا شابّ ، صف لي محمّداً كأنّي أنظر إليه حتّى أؤمن به الساعة ، فبكى أمير المؤمنين عليهالسلام ثمّ قال : يا يهوديّ ، هيّجت أحزاني ، كان حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدّين ، أقنى الأنف ، دقيق المسربة ، كثّ اللحية ، براق الثنايا ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، كان له شعيرات من لبّته إلى سرّته ملفوفة كأنّها قضيب كافور لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن بالطويل الذاهب ، ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره ، وكان إذا مشى كأنّه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدوّر الكعبين ، لطيف القدمين ، دقيق الخصر ، عمامته السحاب ، وسيف ذو الفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ، وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، وكان عليهالسلام أشفق الناس على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوّة ، مكتوب على الخاتم سطران ... الخ. وهذه الرواية طويلة وأوّلها عن عبدالله بن عبّاس قال : قدم يهوديّان أخوان من رؤساء المدينة بالمدينة ، فقال ، الخ. ونحن ذكرنا هذه الجملة من الرواية للبركة ولك أن ترجع إليها في الخصال ص ٥٩٩ جماعة المدرّسين ، قم ١٨ ذي قعدة الحرام ١٤٠٣ تحقيق علي أكبر غفاري.
(٢) القلم : ٤.