ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرسول وسابقني في الإسلام إلّا أن يدّعي مدّع ما لا أعرفه ولا أظنّ الله يعرفه ، والحمد لله على كلّ حال.
فأمّا ما ذكرته من غارة الضحّاك على أهل الحيرة فهو أقلّ وأذلّ من أن يلمّ بها ، أو يدنو منها ولكنّه قد كان أقبل في جريدة خيل على السماوة حتّى مرّ بواقصة وشراف والقطقطانة ممّا والى ذلك الصقع فهوجّهت إليه جنداً كثيفاً من المسلمين ، فلمّا بلغه ذلك فرّ هارباً فأتبعوه فلحقوه ببعض الطريق وقد أمعن وكان ذلك حين طفلت الشمس للإياب فتناوشوا القتال قليلاً كلّا ولا فلم يصبر لوقع المشرفيّة وولّى هارباً وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلاً ونجا جريضاً بعد أن أخذ منه بالمخنق فلأياً بلأي ما نجا.
فأمّا ما سألته أن أكتب برأيي فيما أنا فيه ، فإنّ رأيي جهاد المحلّين حتّى ألقى الله ، لا يزيدني كثرة الناس معي عزّة ، ولا تفرّقهم عنّي وحشة لأنّني محقّ والله مع المحقّ ، ووالله ما أكره الموت على الحقّ ، وما الخير كلّه إلّا بعد الموت لمن كان محقّاً.
وأمّا ما عرضت عليَّ به من مسيرك إليّ ببنيك وبني أبيك فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشداً محموداً فوالله ما أُحبّ أن تهلكوا معي إن هلكت ، ولا تحسبنّ ابن أُمّك ـ ولو أسلمه الناس ـ متخشّعاً ولا متضرّعاً ، إنّه لكما قال أخو بني سليم :
فإن تسأليني كيف أنت فإنّني |
|
صبور على ريب الزمان صليب |
يعزّ عليَّ أن ترى بي كآبة |
|
فيشمت عادٍ أو يساء حبيب (١) |
يستفاد من هذه الفقرة أنّ الإمام عليهالسلام أعفى عقيلاً وأولاده من حضور المعركة
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ، ج ٣ ص ١١٨ ـ ١٢٠ وذكرنا الرسالة بطولها توخّياً للبركة والفائدة ، والمؤلّف اقتصر على صدرها والشطر الأخير منها. (المترجم)