ولكن لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظهور :
أمّا أوّلاً : فلأنّ تلك الروايات لم تكن في مقام بيان الأنفال بتمام أقسامها ، كيف؟! وهي غير منحصرة في الأراضي بالضرورة ، فإنّ منها قطائع الملوك وميراث من لا وارث له والمعادن ونحوها ، ولم يتعرّض فيها إليها ، فيعلم أنّها بصدد بيان مصداق الأنفال ولو من باب المثال ، لا تحديد مفهومه ليدلّ على الانحصار كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ الظهور المزبور وإن كان قابلاً لأن يتقيّد به الإطلاق في صحيحة حفص ، إلّا أنّه غير قابل لأن يخصّص به العموم في صحيحة معاوية بن وهب أعني : قوله (عليه السلام) : «كان كلّ ما غنموا» إلخ حيث إنّ دلالتها على الشمول والاستيعاب بالعموم اللفظي والدلالة الوضعيّة التي هي أظهر من الإطلاق وأقوى من الظهور المزبور المستند إلى المفهوم ، فإنّه كالصريح في عدم الفرق بين الأرض وغيرها ، وأنّ المدار على الاغتنام بمفهومه العام الشامل لكلا الموردين بمناط واحد.
على أنّ في صدر هذه الرواية دلالة أُخرى على الشمول لغير الأراضي أعني : قوله : فيصيبون غنائم ، كيف تقسّم؟ فإنّ السؤال عن تقسيم ما يصيبونه من الغنائم ظاهر في المنقول ، بل لعلّه القدر المتيقّن منه بحيث لا يمكن التخصيص بالأراضي قطعاً.
وعليه ، فلا مناص من الأخذ بعموم هذه الصحيحة ورفع اليد عن ظهور تلك الروايات في الحصر بصراحة هذه بمقتضى الدلالة الوضعيّة في العموم وعدم الحصر.
فتحصّل : أنّ ما ذكره جماعة من عدم الاختصاص بالأراضي وشمول الحكم لكلّ ما يؤخذ من الكفّار بغير قتال المطابق لإطلاق الآية المباركة (ما أَفاءَ اللهُ