كانت عامرة وانجلى عنها أهلها فهل تعدّ حينئذٍ من الأنفال وتنتقل إلى الإمام ، أو أنّ حكمها حكم الملك الشخصي الذي له مالك معيّن بالفعل في أنّه بمجرّد الخراب لا يخرج عن ملكه ولا ينقل إلى الإمام كما عرفت ، فلا فرق في عدم انتقال ما له مالك فعلي إلى الإمام بين ما كان المالك شخصاً معيّناً أو جهة كالوقف أو عامّة المسلمين كالمقام ، فإنّ هذا أيضاً له مالك معلوم.
فمثل أرض العراق المعبّر عنها بأرض السواد التي كانت عامرة حال الفتح وكانت ملكاً لعامّة المسلمين ، وكذا البحرين وإن كان يظهر من بعض الأخبار أنّها كالمدينة لو عرضها الخراب فهل تنتقل إلى الإمام ، أو تبقى على ما كانت عليه من كونها ملكاً لعموم المسلمين؟
ظاهر المحقّق وصاحب الجواهر هو الثاني (١) ، ولكنّه لا يخلو عن الإشكال ، بل لا يبعد خروجها عن ملك المسلمين بالخراب ، فيعتبر في ملكيّتهم كونها عامرة حدوثاً وبقاءً ، نظراً إلى أنّه ليس لدينا إطلاق يقتضي كونها ملكاً للمسلمين حتى بعد الخراب ، فلا يبقى إلّا استصحاب عدم الخروج بالخراب عن ملكهم.
ولكنّه على تقدير جريانه في الشبهات الحكميّة لا يعارض الدليل ، أعني : عموم ما دلّ على أنّ كلّ أرض خربة للإمام ، على ما نطقت به صحيحة ابن البختري المتقدّمة.
وعلى تقدير تسليم الإطلاق في أدلّة ملكيّة المسلمين للمفتوحة عَنوةً بحيث يشمل ما بعد الخراب فغايته معارضة العموم المزبور مع هذا الإطلاق بالعموم من وجه ، ولا شكّ أنّ العموم اللفظي مقدّم على الإطلاق.
ويترتّب على هذا البحث أثر مهمّ جدّاً ، فإنّ تلك الخربة لو كانت من الأنفال فبما أنّهم (عليهم السلام) حلّلوها وملّكوها لكلّ من أحياها بمقتضى
__________________
(١) لاحظ الشرائع ١ : ٢١٠ ٢١١ ، لاحظ الجواهر ١٦ : ١١٧ ١١٨.