.................................................................................................
______________________________________________________
والعمدة ما عرفت من إنكار الإطلاق في الآية المباركة من أصله ، لما أشرنا إليه من أنّ الغنيمة في الآية المباركة وغيرها من سائر موارد إطلاقاتها في الأخبار هي الفائدة العائدة للغانم والربح الذي يستفيده بشخصه ويدخله في ملكه ، وقد حكم بأنّ خمس ما ملكه كذلك يكون للإمام كما حكم بأنّ مقدار الزكاة في العين الزكويّة ملكٌ لمصرف الزكاة بعد بلوغ النصاب أو حَوَلان الحول فيما يعتبر فيه الحول ، وأنّ مقدار النصاب في الذهب مثلاً بتمامه ملكٌ لمالكه قبل الحَوَلان ، وبمجرّد أنّ حال الحول يخرج مقدار الزكاة عن ملكه ويدخل في ملك الفقير ، وكذا في الغلّات بعد صدق الاسم. ويراعى مثل ذلك في الخمس أيضاً ، فيخرج ممّا يغتنمه الغانم ويربحه الرابح خمسه عن ملكه ، وهذا غير صادق بالإضافة إلى الأراضي الخراجيّة بعد أن لم تكن ملكاً للمقاتلين وغنيمةً لهم بما هم كذلك ، بل لعامّة المسلمين إلى يوم القيامة.
نعم ، هي غنيمة بمعنى آخر ، أي يستفيد منها المقاتل بما أنّه مسلم ، لكن الغنيمة بهذا المعنى لا خمس فيها ، لوجهين :
أمّا أوّلاً : فلاختصاص أدلّة الخمس بالغنائم الشخصيّة وما يكون ملكاً لشخص الغانم ، لا ما هو ملك للعنوان الكلِّي كما في الأراضي الخراجيّة ، حيث إنّها لم تكن ملكاً لأيّ فرد من آحاد المسلمين وإنّما ينتفع منها المسلم بإزاء دفع الخراج من غير أن يملك رقبتها ، بل المالك هو العنوان الكلّي العام ، نظير الأوقاف العامّة التي هي ملك لعناوين معيّنة.
ومن ثمّ لم يلتزم أحد بوجوب تخميسها ، وليس ذلك إلّا لانتفاء الملك الشخصي والغنيمة الشخصيّة التي هي الموضوع لوجوب الخمس.
والمشهور إنّما ذهبوا إلى التخميس في الأراضي الخراجيّة زعماً منهم أنّها غنيمة للمقاتلين ، لا باعتبار كونها غنيمة لعامّة المسلمين كما لا يخفى.