أحدهما : أن يكون كلّ من المنصوبين منصوبا على المصدرية ، حيث التقدير : يدور دوران منجنون ، فيكون (منجنونا) منصوبا على النيابة عن المفعول المطلق ، أما (معذبا) فإنه ليس اسم مفعول ، وإنما هو مصدر ميمىّ ، ويكون التقدير : إلا يعذب تعذيبا.
والآخر : أن يكون كلّ منهما منصوبا على المفعولية ، والتقدير فى الموضعين : إلا يشبه منجنونا ، وإلا يشبه معذبا.
ومن النحاة من يخرج النصب فى الموضعين على الحالية ، والتقدير : وما الدهر موجودا إلا مثل منجنون ، وما صاحب الحاجات موجودا إلا معذبا.
ومثله قول الشاعر :
وما حقّ الذى يعثو نهارا |
|
ويسرق ليله إلا نكالا (١) |
حيث يؤول (نكالا) على أنه اسم مصدر ، فنصبه على المصدرية ، أى : على النيابة عن المفعول المطلق. والتقدير : إلا ينكل به نكالا ، أى : تنكيلا.
ه ـ ألا يبدل من خبرها بموجب :
النفى بـ (ما) يتسلط على الخبر ، والبدل فى نية تكرير العامل ، فإذا أبدل من خبر (ما) الحجازية العاملة بموجب فإن عملها يبطل ، لأنه ليس من المعقول أن نجعلها عاملة فى المبدل منه ، وغير عاملة فى البدل ؛ لذا وجب إهمالها إذا أبدل من خبرها بموجب ، وذلك فى قولهم : ما زيد بشىء إلّا شىء لا يعبأ به (٢). كأنك قلت : ما زيد إلا شىء لا يعبأ به قصور (٣)
__________________
(١) (ما) حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (حق) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف و (الذى) اسم موصول مبنى فى محل جر بالإضافة. (يعثو) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
(نهارا) ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (ويسرق) الواو حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب يسرق : فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب. بالعطف على جملة (يعثو). (ليله) ظرف زمان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وضمير الغائب مبنى فى محل جر بالإضافة. (إلا) حرف استثناء يفيد الحصر والقصر مبنى لا محل له من الإعراب. (نكالا) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
(٢) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٣١٦.
(٣) من ذلك أن تقول : لست بشىء إلا شيئا لا يعبأ به ، كأنك قلت : لست إلا شيئا لا يعبأ به. وما أتانى أحد إلا فلان ، أى : ما أتانى إلا فلان. وهو من قبيل البدل على الموضع.