سنة عن أداء وظيفته؟ أو كان ما يصدر خافياً عليه؟ أو أنّ الاستبداد في الرأي كان يحول بينهما؟ أو أنّ الملك في حلّه وترحاله قد يتأخّر عن الأوبة إليه ، فيقع ما يقع في غيبته ، أو أنّ القصّة مفتعلة لا مقيل لها في مستوى الصحّة؟ وهذه أقوى الوجوه ولعلّه غير خاف على البخاري نفسه لكنّه ...
ـ ٨ ـ
قرطاس في كفن عمر
إنّ الحسن والحسين دخلا على عمر بن الخطّاب وهو مشغول ، ثمّ انتبه لهما فقام فقبّلهما ووهب لكلّ واحد منهما ألفاً ، فرجعا فأخبرا أباهما فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : عمر نور الإسلام في الدنيا وسراج أهل الجنّة في الجنّة. فرجعا إلى عمر فحدّثاه فاستدعى دواة وقرطاساً وكتب : حدّثني سيّدا شباب أهل الجنّة عن أبيهما عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال كذا وكذا ، فأوصى أن يجعل في كفنه ففعل ذلك ، فأصبحوا وإذا القرطاس على القبر وفيه : صدق الحسن والحسين وصدق رسول الله!
قال الأميني : بلغ هذه القصّة الخياليّة من الخرافة حدّا ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات كما في تحذير الخواصّ للسيوطي (١) صفحة (٥٣) فقال : والعجب من هذا الذي بلغت به الوقاحة إلى أن يصنّف مثل هذا وما كفاه حتى عرضه على أكابر الفقهاء فكتبوا عليه تصويب هذا التصنيف. انتهى.
قاتل الله الغلوّ في الفضائل فإنّه شوّه سمعة أكابر الفقهاء ، كما سوّد صحيفة التاريخ ، وقبّح وجه التأليف.
__________________
(١) تحذير الخواص : ص ٢٠٧.