الفقهاء وروايتها بمشهد منهم ومرأى لما عدلوا عنها على بكرة أبيهم إلى عموم الكتاب ولما تركوها متدهورة في هوّة الإهمال.
وعلى الباحث أن ينظر نظرة عميقة إلى قول ابن عمر وقد كان في المسألة أوّلاً مصافقاً في رأيه الكتاب ومن عمل به من الصحابة وعدّ في عدادهم ، ثمّ لمحض أن بلغه رأي الخليفة المجرّد عن الحجّة عدل عن فتواه فقال : عثمان خيرنا وأعلمنا. أو قال : أكبرنا وأعلمنا. هكذا فليكن المجتهدون ، وهكذا فلتصدر الفتاوى.
ـ ١٨ ـ
رأي الخليفة في امرأة المفقود
أخرج مالك من طريق سعيد بن المسيب أنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قال : أيّما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنّها تنتظر أربع سنين ، ثمّ تنتظر أربعة أشهر وعشراً ، ثمّ تحلّ. وقضى بذلك عثمان بن عفّان بعد عمر.
وأخرج أبو عبيد بلفظ : إنّ عمر وعثمان رضى الله عنه قالا : امرأة المفقود تربّص أربع سنين ، ثمّ تعتدّ أربعة أشهر وعشراً ، ثمّ تنكح.
وفي لفظ الشيباني : إنّ عمر رضى الله عنه أجّل امرأة المفقود أربع سنين. وفي لفظ شعبة من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قضى عمر رضى الله عنه في المفقود تربّص امرأته أربع سنين ثمّ يطلّقها وليّ زوجها ، ثمّ تربّص بعد ذلك أربعة أشهر وعشراً ثمّ تزوّج.
ومن طريق ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر رضى الله عنه في امرأة المفقود قال : إن جاء زوجها وقد تزوّجت خيّر بين امرأته وبين صداقها ، فإن اختار الصداق كان على زوجها الآخر ، وإن اختار امرأته اعتدّت حتى تحلّ ، ثمّ ترجع إلى زوجها الأوّل وكان لها من زوجها الآخر مهرها بما استحلّ من فرجها. قال ابن شهاب : وقضى بذلك عثمان بعد عمر.