وفي لفظ الشافعي : إذا تزوّجت فقدم زوجها قبل أن يدخل بها زوجها الآخر كان أحقّ بها ، فإن دخل بها زوجها الآخر فالأوّل المفقود بالخيار بين امرأته والمهر (١).
قال الأميني : من لي بمتفقّه في المسألة ، يخبرني عن علّة تريّث المفقود عنها زوجها أربع سنين ، أهو مأخوذ من كتاب الله؟ فأين هو منه؟ أم أُخذ من سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فمن ذا الذي رواها ونقلها؟ والصحاح والمسانيد للقوم خالية عنها ، نعم ربّما يُتشبّث للتقدير بأنّها نهاية مدّة الحمل. قال البقاعي في فيض الإله المالك (٢ / ٢٦٣) : وسبب التقدير بأربع سنين أنّها نهاية مدّة الحمل وقد أخبر بوقوعه لنفسه الإمام الشافعي وكذا الإمام مالك وحكي عنه أيضاً أنّه قال : جارتنا امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة ، تحمل كلّ بطن أربع سنين ، وورد هذا عن غير تلك المرأة أيضاً. انتهى.
وهذا التعليل حكاه ابن رشد في مقدّمات المدوّنة الكبرى (٢ / ١٠١) عن أبي بكر الأبهري ثمّ عقّبه بقوله : وهو تعليل ضعيف لأنّ العلّة لو كانت في ذلك هذا لوجب أن يستوي فيه الحرّ والعبد (٢) لاستوائهما في مدّة لحوق النسب. ولوجب أن يسقط جملة في الصغيرة التي لا يوطأ مثلها إذا فقد عنها زوجها فقام عنها أبوها في ذلك ، فقد قال : إنّها لو أقامت عشرين سنة ثمّ رفعت أمرها لضرب لها أجل أربعة أعوام وهذا يبطل تعليله إبطالاً ظاهراً. انتهى.
وليت هذا المتشبّث أدلى في حجّته بذكر أُناس تريّثوا في الأرحام النزيهة عن الخنا أربعاً قبل فتيا الخليفتين ، وإلاّ فما غناء قصّة وقعت بعدهما بردح طويل من
__________________
(١) موطّأ مالك : ٢ / ٢٨ [٢ / ٥٧٥ ح ٥٢] ، كتاب الأُم للشافعي : ٧ / ٢١٩ [٧ / ٢٣٦] ، سنن البيهقي : ٧ / ٤٤٥ ، ٤٤٦. (المؤلف)
(٢) التفصيل بين الحرّ والعبد بأنّ امرأة الحرّ يضرب لها الأجل أربعة أعوام ولامرأة العبد تربّص عامين كما نصّ عليه ابن رشد ، رأي مجرّد لا دليل عليه. (المؤلف)