كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يُبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، فقال : خذوه. فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه (١) ، فقال مروان : إنّ هذا الذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي). فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلاّ أنّ الله أنزل عذري.
وهذا الحديث يكذّب ما عزاه القوم إلى أمير المؤمنين وابن عبّاس من قولهما بنزول آية : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) (٢) في أبي بكر كما مرّ في الجزء السابع (ص ٣٢٦).
وكان الحَكَم مع ذلك كلّه يدعو الناس إلى الضلال ويمنعهم عن الإسلام. اجتمع حويطب بمروان يوماً فسأله مروان عن عمره ، فأخبره ، فقال له : تأخّر إسلامك أيّها الشيخ حتى سبقك الأحداث. فقال حويطب : الله المستعان والله لقد هممت بالإسلام غير مرّة كلّ ذلك يعوقني أبوك يقول : تضع شرفك ، وتدع دين آبائك لدين مُحدث ، وتصير تابعاً؟ فسكت مروان وندم على ما كان قال له. تاريخ ابن كثير (٣) (٨ / ٧٠).
الحَكَم في القرآن :
أخرج ابن مردويه عن أبي عثمان النهدي ، قال : قال مروان لمّا بايع الناس ليزيد : سنّة أبي بكر وعمر ... إلى آخر الحديث المذكور. فسمعت ذلك عائشة فقالت : إنّها لم تنزل في عبد الرحمن ، ولكن نزل في أبيك : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) الآية. سورة القلم : ١٠ ، ١١.
__________________
(١) كلمة (عليه) غير موجودة في المصدر. والصحيح ـ ظاهراً ـ ذكرها لحاجة السياق إليها.
(٢) الأحقاف : ١٥.
(٣) البداية والنهاية : ٨ / ٧٦ حوادث سنة ٥٣ ه.