منها في الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.
ابن الأثير الجزري :
وأنت ترى ابن الأثير في الكامل ـ الناقص ـ تبعاً للطبري في الذكر والإهمال كما هو كذلك في كلّ ما توافقا عليه من التاريخ ، لكنّه زاد ضغثاً على إبّالة (١) فقال (٢) : وفي هذه السنة كان ما ذكر في أمر أبي ذر وإشخاص معاوية إيّاه من الشام إلى المدينة ، وقد ذكر في سبب ذلك أموراً كثيرة من سبّ معاوية إيّاه وتهديده بالقتل وحمله إلى المدينة من الشام بغير وطاء ، ونفيه من المدينة على الوجه الشنيع لا يصحّ النقل به ، ولو صحّ لكان ينبغي أن يعتذر عن عثمان ، فإنّ للإمام أن يؤدّب رعيّته ، وغير ذلك من الأعذار ، لا أن يجعل ذلك سبباً للطعن عليه كرهت ذكرها. انتهى.
إنّ الذي لم يصحّح الرجل نقله صحّحه آخرون فنقلوه قبله وبعده فلم ينل المسكين مبتغاه ، وكان قد حسب أنّ الحقائق الثابتة تخفى عن أعين الناس إن سترها هو بذيل أمانته ، وقد ذهب عليه أنّ أهل النصفة من المؤلّفين وروّاد الحقائق من الرواة سوف لا يدَعون صغيرة ولا كبيرة إلاّ ويحصونها على الأمّة ، وإنّ مدوّنة التاريخ ليست قصراً على كتابه.
هبّ أنّه ستر التاريخ بالإهمال لكنّه ما ذا يصنع بالمحدّثين الذين أثبتوا حديث إخراجه من المدينة وطرده عن مكة والشام في باب الفتن وفي باب أعلام النبوّة (٣)؟ أولا يبهظ ذلك أبا ذر وزملاءه من رجالات أهل البيت عليهمالسلام ومن يرى رأيه من صلحاء الأُمّة ، ولا سيّما أنّ سابقة الطرد من عاصمة النبوّة لم تكن إلاّ لمثل الحكم ـ عمّ
__________________
(١) الضغث : القبضة من الحشيش ، والإبّالة : الحزمة من الحطب ، وقد مرّ كراراً شرح هذا المثل.
(٢) الكامل في التاريخ : ٢ / ٢٥١ حوادث سنة ٣٠ ه.
(٣) راجع : ص ٣٢٤ ـ ٣٢٨. (المؤلف)