رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومع أبي بكر وعمر. قالا : فإنّ ابن عمّك قد أتمّها وإنّ خلافك إيّاه له عيب ، فخرج معاوية إلى العصر فصلاّها أربعاً. واختلاف العلماء بعدُ لا قيمة له قطّ ويضرب به عرض الجدار بعد ثبوت السنّة ، وليس إلاّ لتبرير ساحة الرجل ، وأنّى؟ بل عمله يدنّس ذيل كلّ مبرّر ، وأمّا عدم إيجاب القول بالإتمام للمسافر الكفر أو الفسق وإيجابه ذلك ، فالمرجع فيه الحديث الثامن المذكور (ص ١١٢) من صحيحة عبد الله بن عمر قال : الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنّة فقد كفر.
الدين عند السلف سياسة وقتيّة :
تعطينا هذه الروايات الواردة في صلاة الخليفة درساً ضافياً صافقه الاستقراء لكثير من الموارد ، أنّ كثيرين من الصحابة ما كان يحجزهم الدين عن مخالفة التعاليم المقرّرة وكانوا يقدّمون عليها سياسة الوقت ، وإلاّ فلا وجه لتربيعهم الصلاة وهم يرون أنّ المشروع خلافه لمحض أنّ الخلاف شرّ ، وهم أو من ناضل عنهم وحكم بعدالتهم أجمع لا يرون جواز التقيّة ، فعبدالله بن عمر يتّبع الخليفة في أحدوثته ، وكان يتمّ إذا صلّى مع الإمام ، وإذا صلّى وحده صلّى ركعتين ، وفي لسانه قوله : الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنّة فقد كفر (١) ، وبمسمع منه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله لا يقبل عمل امرئٍ حتى يتقنه». قيل : وما إتقانه؟ قال : «يخلصه من الرياء والبدعة» (٢). وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» (٣).
وهذا عبد الله بن مسعود يرى السنّة في السفر ركعتين ، ويحدّث بها ثمّ يتمّ معتذراً بأنّ عثمان كان إماماً فما أُخالفه والخلاف شرّ. كما مرّ في (ص ٩٩).
__________________
(١) راجع صفحة ١١٢ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٢) بهجة النفوس للحافظ ابن أبي جمرة الأزدي الأندلسي : ٤ / ١٦٠ [ح ٢٤١]. (المؤلف)
(٣) المحلّى : ٧ / ١٩٧ [المسألة ٨٦٦]. (المؤلف)