مرّتين. وقاسم الله عزّ وجلّ ماله ثلاث مرار حتى أن كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ، ويعطي خفّا ويمسك خفّا (١).
وما أكثر الزهّاد أمثال أبي ذر في أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أفنت الزهادة كلّ مالهم من ثُمّةٍ ورُمّة (٢) وقد عُدّ ذلك في الجميع فضيلة يُذكرون بها ويُشكرون عليها ، إلاّ في أبي ذر شبيه عيسى بن مريم في الأُمّة المرحومة فاتّخذوه مدركاً لتلك الفتوى المزعومة. غفرانك اللهمّ وإليك المصير.
استشهاد اللجنة بكلمة ابن حجر :
أمّا الشاهد الثالث ـ ابن حجر ـ فليت اللجنة الحاكمة لم تلخّص كلامه ، ففيما سرده في فتح الباري (٣) (٣ / ٢١٣) ما لا يلائم خطّة اللجنة ، ففيه من أعلام النبوّة ما قدّمنا ذكره من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك النفي والإخراج في سياق يؤدّي أنّ أبا ذر سيكون مضطهداً في ذلك مظلوماً ، ويؤكّد هذا السياق ما أسلفناه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا أبا ذر أنت رجل صالح وسيصيبك بلاءٌ بعدُ». قال : في الله؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «في الله» قال : مرحباً بأمر الله. وما كان في الله وبعين الله ويعرّف صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحبه بالصلاح ، ويراه في هديه ونسكه وزهده شبيه نبيّ معصوم كعيسى سلام الله عليه ؛ ويأمره بالصبر لا يكون فاسداً ولا تترتّب عليه مفسدة ، إذن فلا أدري أين يكون مقيل نظريّة ابن حجر الملخّصة عند اللجنة من الصدق؟
وممّا ذكره ابن حجر في فتح الباري ما حكاه عن بعض أعلام قومه : الصحيح أنّ إنكار أبي ذر كان على السلاطين الذين يأخذون المال لأنفسهم ولا ينفقونه في وجهه.
__________________
(١) حلية الأولياء : ٢ / ٣٨ ، صفة الصفوة : ١ / ٣٣٠ [١ / ٧٦١ رقم ١٢٠] ، الصواعق : ص ٨٢ [ص ١٣٩]. (المؤلف)
(٢) أي : من قليل وكثير.
(٣) فتح الباري : ٣ / ٢٧٥.